- عملت الدبلوماسية اليمنية منذ البداية على وقف الحرب وتحقيق التسوية السياسية وصولاً إلى سلام شامل ودائم في المسار الذي رسمته الأمم المتحدة والذي قام على أساس إدانة الانقلاب الدموي الذي صادر الدولة اليمنية وملشنها، وحدد أسساً ثلاثة للتفاوض والحل كمرجعيات، وهي للتذكير: المبادرة الخليجية، مخرجات الحوار الوطني، القرارات الأممية وخاصة القرار ٢٢١٦. - كل الاجتهادات التي حاولت أن تبحث عن حل خارج هذا المسار عقدت الحل وشجعت الانقلابيين على المناورة ورفض فرص السلام واستمرار الحرب. - لا يشجع الانقلابيين على الاستمرار في غيهم ورفضهم للسلام شيء أهم من البحث عن حل خارج مسارات الأمم المتحدة، وتعميم المسئولية ووضع المجرم والضحية في خانة واحدة. - قد يقول البعض إن الأمم المتحدة "حبالها طويلة" ، لكن لا أحد لديه "الحبال القصيرة" للحل. بالعكس اذا لم ينتظم الجميع في إطار المسار الأممي فسيصبح لدينا مقترحات للحل بعدد أمم العالم وربما بعدد سكان اليمن. ولَك Hن تتخيل بعد ذلك الوضع!!! - الحوثيون كانوا عصبة في تحالف عسكري انقلب على التوافق السياسي وشرعية الدولة بالسلاح وبالدم، وتسبب في تدمير اليمن، ورفض كل فرص السلام. - ولأن هذه العصبة لديها مشروعها الطائفي فقد عطلت كل المفاوضات السابقة التي اشتركت فيها مع حليفها كطرف واحد. وبعد أن قوي نفوذها في إطار تحالفها الانقلابي الدموي لم تعد في حاجة إلى هذا الشريك عسكرياً أوسياسياً، بل أصبح- من وجهة نظرها- عبئاً علي مشروعها فغدرت به وقتلته لتبقى نقية "المحتد" والمشروع معاً في أي مفاوضات للتسوية. - أخذت تتمحور داخل ذاتها وبشروط تستجرها وتستأنس بها من تهويمات سلالية ضحلة المحتوى بعصبية خرقاء تتجلى منها فاحشة الاستعلاء على المواطنة وعلى الدولة سعياً وراء إقامة نظام تراتبي "أكليروسي" لا يرى الناس غير رعايا.. مقياس الإخلاص فيه تقبيل أطراف السيد أو من يمثله. - في كل دعوات السلام هناك أساسان لا بد من مراعاتهما لكي تشكل الجهود المخلصة قوة ضغط لتحقيق ذلك وهما الالتزام بمسار الأمم المتحدة، وأن يقال لمثل هذه العصبة لقد أخطأتم وخير الخطائين التوابون. - الأمم المتحدة والعالم عندما دعوا إلى التسوية أصدروا قبله القرار الأممي رقم ٢٢١٦ ليقولوا لمن انقلب على العملية السياسية وصادر الدولة وملشنها، لقد أخطأتم وارتكبتم جريمة قانونية ودستورية وأخلاقية في حق البلد والشعب، ومع ذلك فإن باب التفاوض مفتوح لإعادة التوافق السياسي بناء على ما يرتبه هذا القرار من اعتراف بارتكاب الجريمة وتصحيح الخطأ بالعودة عنه . - يدرك العالم أن تعميم المسئولية في جرائم بهذا المستوى يشجع على مواصلة ارتكابها في أكثر من مكان وعلى أكثر من صعيد . - تكمن البداية الجادة في إدانة الخطأ ليعرف مرتكب الخطيئة أن الدعوة للتسوية ليس مكافأة على ما ارتكبه من جريمة ولكن لتصحيح الآثار التي رتبتها جريمته ومعه تحقيق السلام كقيمة انسانية راقية برقي من يسعون إليه. - السلام مطلب سامي وعادل، ولا هناك أجمل ولا أرقى من الدعوة إليه والعمل من أجله، ويجب أن يحمل بالجدية التي تجعل منه قيمة معتبرة لإصلاح احوال البشر. واذا كان قرار الحرب يعكس قوة مغامرة هوجاء، فإن قرار السلام يعكس قوة تمتلك من الوعي ما يكفي للاعتراف بخطأ المغامرة الهوجاء.
د.ياسين سعيد نعمان
التسوية التي تدين الخطأ هي الطريق إلى السلام 1275