هل يعاد المسار السياسي لحل أزمة اليمن؟
سؤال برز خلال اليومين الماضيين تزامناً مع التصريحات التي أطلقها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي أشار فيها إلى استعداد الأطراف المعنية بالأزمة للجلوس إلى طاولة المفاوضات لاستئناف الحوار الذي توقف بعد جولة الكويت العام الماضي، ودعوته لها لاتخاذ ما أسماها «خطوات استباقية لضمان نجاح المرحلة القادمة من الحوارات»، كما دعا الأطراف كافة إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان الظروف الملائمة للانخراط بشكل تام في العملية السياسية وبنوايا حسنة.
جاء موقف المسؤول الأممي استناداً إلى خطوات أقدمت عليها الشرعية ودول التحالف خلال الفترة الأخيرة، شملت تأمين ميناءي الحديدة والصليف لاستقبال مواد الإغاثة، بعد أن أغلقتهما قوات التحالف العربي لمنع تهريب الأسلحة عبرهما إلى الداخل، ودعا إلى إبقائهما مفتوحين وفي حالة تشغيلية لتأمين توفير المساعدات والسلع التي يحتاج إليها الشعب اليمني.
عودة المسار السياسي إلى الأزمة اليمنية يفتح نافذة من الأمل في إنهاء الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب اليمني منذ انقلاب الحوثيين على السلطة في سبتمبر/ أيلول من عام 2014، وهو الانقلاب الذي نقل الأزمة من الخلافات في أوساط الفعاليات السياسية إلى حرب شاملة.
لم تنجح الجولات السابقة من الحوارات التي رعتها الأمم المتحدة لحل الأزمة في اليمن بسبب عوامل كثيرة، أبرزها عدم استعداد الانقلابيين لتنفيذ صيغ الحل التي طرحت في الحوارات، خاصة في جولة الكويت، حيث كان الجميع أمام فرصة لإنهاء الأزمة ووقف معاناة الناس المتزايدة، فالتأثيرات الخارجية لعبت دورها في ذلك، خاصة وأن الاتصالات لم تكن تنقطع بين المتمردين وإيران، التي كانت توجه الجماعة لاتخاذ مواقف تصعيدية هدفها إفشال الحوارات.
منذ جولة الكويت الأخيرة دخلت المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة مرحلة من الجمود، خاصة وأن الحوثيين عززوا انقلابهم على الشرعية بانقلاب آخر على حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي كان يترأسه الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، الذي جرى التخلص منه الشهر الماضي، بطريقة غادرة، وهو ما أفقد الجماعة غطاءً سياسياً وأظهرها جماعة لا تؤمن بشراكة أحد، وهدفها الاستيلاء على الحكم بشكل مطلق.
وطوال الفترة التي أعقبت فشل جولة الكويت، رفضت جماعة الحوثي المتمردة الجلوس مع ممثلي الأمم المتحدة وعدم استقبال أي منهم في صنعاء، وقامت بمهاجمة الدور الذي يقوم به المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ، والهدف من وراء ذلك كان واضحاً، إذ إنها تتهرب من استحقاقات المرحلة المقبلة، لأنها تنزع عنها السلطة المطلقة التي تمارسها في المناطق التي تسيطر عليها، فالقرارات الأممية تدعو الجماعة المتمردة إلى إنهاء انقلابها على الشرعية من خلال تنفيذ القرار 2216، وتسليم السلاح المنهوب من معسكرات الجيش وبسط الشرعية كامل سلطتها على مؤسسات الدولة، وهو ما يرفض المتمردون مناقشته حتى الآن.