مثلما أطلقها الأديب اليمني الكبير علي أحمد باكثير عام 1945م كعنوان لروايته (وا إسلاماه) التي تحدث فيها عن "أحوال البلاد التي عاش فيها وملوكها وصراعهم مع التتار والصليبين".
وا عدناه.. صرخة أطلقها اليوم من مدينة عدن المجروحة الباكية على ما حل بها من صراعات وتدمير وفوضى.. شتان ما بيني وبين الراحل باكثير، فهو الأستاذ العملاق وأنا تلميذٌ صغيرٌ ما زال يحبو على عتبة بلاطه الرحب.
لعمري لم أسمع عن أي مدينة يمنية أو عربية تدمر مثل عدن! وتنخر عظامها من الداخل، من اُناس سكنوها وآوتهم وعلمتهم معاني الحياة العصرية والتمدّن والعيش الكريم، لكنهم أبوا واستكبروا وعصوا وجحدوا في حقها حد السفالة واللؤم.
عدن مدينة السحر والجمال والوئام والتعايش السلمي أصبحت اليوم مسرح للصراعات والمزايدات من اجل المصالح الشخصية والقروية والكسب الغير مشروع والمشاريع الضيقة لإعادة عقارب الزمن إلى الوراء ــ وهذا مستحيل ــ صراعات تعصف وتدمر كل شيء جميل فيها، وتعيق حركة التنمية وتعرقل جهود الحكومة الشرعية الرامية إلى إعادة الوجه المشرق لهذه المدينة الكونية حتى تستطيع استعادة دورها الريادي المهم في الاقتصاد والثقافة والفن والتنوير.
عدن مدينة الفُرضة ( الميناء) تغزّلَ بجمالها ونورها وسحرها الشعراء ، وكُتبت عنها أهم الكتب وأجمل القصص ، وصيغت فيها أجمل الألحان والموسيقى الخالدة ، التي أصبحت جزء من التراث الفني العالمي ، لعل أهم شاهد على ذلك المقطوعة العسكرية التي تعزف على آلة القرب الاسكتلندية : صخور عدن العصية ( The barren rocks of Aden) التي ألفها الضابط جميس موكلين أثناء تواجده في عدن منتصف القرن التاسع عشر الميلادي.
عدن الان تعيش أعته مراحل تاريخها الطويل رفض غير مبرر وعنيف لكل جهود البناء والتعافي الاقتصادي، والأخطر من ذلك كله هو ما يجري من تدمير وإلغاء للعقل والقيم الأخلاقية والمقومات الإنسانية والدينية التي تكونت وتبلورت في مدنية عدن والوطن بشكل عام منذ مئات السنين.
حال عدن اليوم بحاجة إلى إنقاذ جاد وحتى يتم ذلك لابد أن نصرخ جميعاً بملء أفواهنا :
واااا عدناه.