في بداية الحرب التي فرضت على اليمنيين اندفعت المقاومة والقلة القليلة من الجيش الوطني المنظمّ للشرعية للذود عن حمى الوطن والشعب والهامش الديمقراطي وعن الشرعية كرمز لكل ما سبق، وكلاهما كان بحاجة ماسة للأفراد فانظم إلى صفوفهما خليط غير متجانس ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسية وحتى أخلاقياً والجميع قاوم تحالف الانقلاب بكل بسالة وإخلاص إلا أنه وبعد مضي فترة ليست بالقصيرة بدأت تبرز على السطح تلك التباينات والتناقضات التي يمثلها المنتمون إلى المقاومة وإلى الجيش الوطني فجاء قرار المشير/ عبدربه منصور هادي، المتعلق بدمج المقاومة في الجيش الوطني وترتيب ٱوضاع قياداتها في الوقت المناسب، إلا ٱن مراحل تنفيذ القرار شابها الكثير من المخالفات والأخطاء واعتراها القصور فكانت النتائج مخيبة للآمال فقد اتضح ٱن عملية الدمج كانت ارتجالية وخاضعة لاعتبارات ومصالح ضيقة وتم ترقيم أعداد كبيرة في الجيش والٱمن لا علاقة لها بالمقاومة ولم يعرفوا الجبهات يوما.
فظلت كتائب فلان وجماعة علان ولواء زعطان تعمل بآليتها وٱجندتها الخاصة وانتماءاتها الحزبية ولا تتبع الجيش الوطني سوى في كشوفات المرتبات والتموين والتسليح بل إن بعضها ظل يستلم الدعم والتسليح بشكل مباشر من هذه الدولة ٱو تلك بل ويتلقى أوامره وتوجيهاته منها وينفذ أجندتها.
كما ظهرت جماعات مسلحة في كثير من المناطق المحررة تنتمي للجيش اسما وتحمل سلاحه وفي حقيقة الأمر هي عبارة عن مجاميع منفلتة من الخارجين عن القانون استقوت بسلاح الدولة وطفقت تمارس الفوضى والسلب والنهب وتعيق عملية استكمال بسط سلطة الدولة وتفعيل المؤسسات العامة والخاصة وتمارس العديد من المخالفات والانتهاكات بل إنها ٱصبحت تشكل تهديدا حقيقيا لحكومة الشرعية وتعيق عودتها وممارسة عملها في ومن المناطق المحررة.
والمتتبع الحصيف لأمور الدمج وما رافقها من ٱخطاء يدرك بسهولة خطورة الٱمر مستقبلا على المؤسستين العسكرية والٱمنية بل على الوطن برمته لٱن عملية الدمج تلك لم يرافقها برنامجا تدريبيا وتوعويا وتثقيفيا وطنيا يغلب مصلحة الوطن ويبرز المخاطر المحدقة به ويغرس وينمي روح الولاء الوطني ويجرم الانتماء العشائري والمناطقي والحزبي والٱسري والمذهبي.
ولكي نجنب البلد دورة صراع جديدة مستقبلا لابد من إعادة النظر في عملية الدمج السابقة وٱن تتم عملية الدمج للمقاومة في الجيش الوطني بآليات سليمة بعيدة عن الرغبات والتوجهات الحزبية وبعيدا عن الأجندات الإقليمية وٱن يتم دمج المقاومين المشهود لهم والذين تواجدوا بالمتارس لسنوات وٱن يكلف ضباطا من التوجيه المعنوي مشهودا لهم بالنزاهة والوطنية بإعداد برامج تثقيفية وتوعوية متعددة الٱهداف والمستويات تستهدف الجيش الوطني وتنمي فيه روح الولاء للوطن والشعب بعيدا عن الانتماءات الحزبية والعشائرية والمناطقية وٱي مجاميع ترفض ذلك ٱو تتلكٱ ينبغي التعامل معها بحزم قبل قوات الأوان.
وقبل ذلك يتم إنشاء معسكرات خارج المدن مجهزة تجهيزا جيدا ونقل كل التشكيلات العسكرية إليها وعمل برامج تدريبية مكثفة للأفراد والقيادات وخصوصا في المناطق المحررة البعيدة عن المواجهات ومن ثم الرفع من روح الجاهزية القتالية للأفراد لاستكمال عملية التحرير وإعادة الانتشار السيطرة.
د. عبدالله الجهلاني