هناك فرق كبير بين الثوار الذين ثاروا ضد الإمامة وبين الثوار الذين يثورون اليوم لإعادة الإمامة.
الثوار الذين ثاروا ضد الإمامة تعرفهم بسيماهم بالصبر والجلد والتحمل والهمة العالية منهم لإخراج الوطن من الظلم والجبروت والجهل والمرض المحدق به، لذا فهمهم الوحيد هو أن يصل وطنهم إلى المكانة التي تليق به.
وأما الثوار الذين يثورون لإعادة الإمامة، فتعرفهم بسيماهم أيضاً، تعرفهم في جشعهم، وحقدهم والجبروت الذي يتسمون به، هدفهم إرضاء تلك الفئة التي تنفق عليهم بالأموال الطائلة، والكسب الكبير الذي يحصلون عليه من وراء المدنيين العزل بعد اقتحام منازلهم.
ثقافة من ثاورا على الإمامة معروفة وواضحة وأفكارهم بينةٌ للناس أجمعين..
فهم قد خرجوا على الإمام لأنه ظلم الشعب وكاد أن يوصله إلى الهلاك، بل قد أوصله إن جاز التعبير بذلك، وقد كانت لهم محاولات عديدة يستعطفون بها الإمام كي يرحم هذا الشعب، ويدعه يواصل الحياة كما ينبغي وكبقية الشعوب، وبعد ما أبى إلا الظلم هو وابنه من بعده ثاروا عليه ولهم الحق في ذلك، وقد كانت لهم أهداف واضحة يعرفها الجاهل قبل العاقل.
وأما ثقافة ثوار الإمامة فهم غريبون في ثقافتهم سوءاً الدينية أو المجتمعية، لا يعرفون شيئاً إلا كيف يكسبون وما هي الطرق التي توصلهم لذلك، وكانت ثورتهم -حسب قولهم إنها ثورة- دون سبب ومبرر مقنع، لم تكن لها أسباب واضحة كما لم تكن لها أهداف واضحة أيضاً.
من ثاروا على الإمامة كان الشجن إلى الجمهورية يأخذ قلوبهم، كانوا جوعى عطاشاً، والأكبر من هذا أنهم كانوا يكبلون بالسلاسل والأغلال والقيود، ويذهبُ بهم المسافات الطوال وكل واحدٍ منهم مربوط على الآخر بطريقة قد ربما لا تعامل الحيوانات تلك المعاملة، وهم يصبرون، يزج بهم إلى السجون ويتحملون، يطاردون ولا يتراجعون، ثم يعدم منهم الكثير، ولا يبالون فهم يبحثون عن طريق الفجر ويأملون بغد مشرق إذا مادحرت الإمامة.
وأما ثوار الإمامة فهم الذين يظلمون الشعب ويجرعونه كؤوس المرارة الكبيرة، هم الذين يزجون بالمواطنين إلى السجون ويمارسون بهم أشد أنواع العذاب، والتنكيل؛ هم الذين يهدمون المنازل ويقطعون الطرقات، وينهبون كل مايطيب لهم تحت مسمى الجهاد.
الشيء الأهم من ذلك كله، أن الثوار الذين ثاروا على الإمامة كانوا الطبقة الواعية والمثقفة والمتعلمة في اليمن وقت ذاك، هم الشعراء والأدباء والمثقفون، ويكفينا مثالاً على ذلك الشهيد القاضي محمد محمود الزبيري.
أما ثوار الإمامة فهم الطبقة غير الواعية، الطبقة المظلل عليها من قبل كبارهم، أغلبهم من الأطفال القصر الذين لا يستطيعون مطلقاً أن يفرقوا بين الجمهورية والإمامة، ولا يعون معنى الثور أو الجهاد في سبيل الحق.
أما لو أتينا لنرى الفرق بين شهداء الثورة التي قامت ضد الإمامة، والثورة التي قامت لإعادتها فسنجد العجيب العجاب والفروق الشائعة في ذلك.
الفرق البارز بين أولئك وهؤلاء، بين الثوار الباحثين عن أهوائهم، وبين الثوار على الإمامة فالثوار ضد الإمامة أرادوا أن يدحروا أن يدحروا الإمامة، وأن يقيموا جمهورية، وقد استطاعوا وكان الله ناصراً لهم.
أما هؤلاء فهم يريدون أن يدحروا الجمهورية ويقيمون الإمامة من جديد، ولن يستطيعوا ما دام الشعب متيقضاً، والله مولاه ونعم المولى ونعم النصير.