;
د. محمد شداد
د. محمد شداد

عوائق اليمن الاتحادي 1129

2017-11-24 15:08:41

تحدد الطبيعة الجغرافية والمكونات الاجتماعية والموروث الثقافي للشعوبK نمط الحياة التي تعيشها، وتختار الشعوب أنظمة الحكم فيها بما يتناسب وتنوعها وطبيعة تفاصيل مبانيها الثقافية وأنسجتها الاجتماعية والعرقية ومعتقداتها الدينية والمذهبية وتلك هي الحالة الطبيعية الحقة التي يجب على المجتمع اليمني تقبلها والارتضاء بها والخروج عن دوائر التفكير الانتهازي العقيم لبعض الأطراف التي تتصادم مع طبيعة المجتمع وتطلعاته.
لم تكن التجربة اليمنية الوليدة المتعلقة بالنظام الاتحادي، والتي يعارضها ويقف في طريقها الكثير من مجانين السلطة والمصلحة، هي الأولى في العالم. بل إن الكثير من دول العالم كانت دولاً بسيطة ثم تحولت إلى فيدارالية أو اتحادية. أو كانت دولاً مستقلة فاتحدت وذابت في شخصية دولية واحدة مع الاحتفاظ بأنظمتها الداخلية المستقلة وفقاً لطبيعتها وبما يتناسب مع مصالح وتركيبة بقية أعضاء الاتحاد الذين تجمعهم أهداف مشتركة ومصير واحد.
المعضلة العميقة والمؤلمة التي يواجهها الشعب اليمني في تنفيذ مخرجات حواره الوطني والسير نحو بناء الدولة اليمنية المدنية الاتحادية الحديثة تتمثل بالعوائق التالية:
العائق الأول: هم الذئاب البشرية التي كانت عبر التاريخ ولازالت حتى اليوم معول هدم لكل جميل ومقبرة لوأد طموحات الشعب اليمني العظيم. لدرجة يحتار معها المرء كيف يحمل هؤلاء كل هذا العداء و البغضاء لهذا الشعب الكريم الذي منحهم كل شيء ولم يجد منهم شيء. فباسمه تاجروا وتسلطوا ونهبوا مقدراته لعقود طويلة. و لم يجد منهم سوى الجحود والخذلان والنكران، فنزلوا به تقتيلاً وتنكيلاً وأذاقوه من البلاء أصنافا. صوُدِرت حريته ونُكِّل به وأصبح الوطن سجناً كبيراً موحشاً ومظلماً لا يرى الشمس!
 أما العائق الثاني: فيتمثل بهجرة رأس المال والعقول والكفاءات والطاقات الوطنية والأيدي المهنية العاملة وكل العلماء والمفكرين، والذين لم يجدوا في وطنهم بيئة حاضنة لتطبيق أفكارهم وتطويرها وتطبيقها في مقابل بقاء عصابات تعتقد أنها الوريث الشرعي والمالك الحصري للوطن أرضاً وإنسانا فتجر البلاد من تخلف علمي وعقلي إلى فساد ودمارٍ كليٍ وشامل على كل الصُعُدْ.
أما العائق الثالث: فيتمثل ببعض أحزاب الكارثة التي تمثل أمواجاً من الهوى المسلح بالقناعات الشللية العتيقة التي أكل الدهر عليها و شرب. تنساق دون وعي منها إلى مجاهيل سحيقة من التشتت والعنف دون رؤية أو علمٍ مسبق بالمصير. تضيق بكل خلاف ولا تجد وسيلة للحياة وحل تبايناتها إلا بالاقتتال وإراقة الدماء دون مراعاة لحرمة إنسان أو قيمة دولية للوطن بين الدول. ولا تمتلك أية رؤية استراتيجية لبناء الوطن، ولا تعدو أجنداتها عن شلة تجمعها مصلحة ما وترى في الحزب الوعاء الكفيل بتحقيق تلك المصالح الشخصية اللا وطنية. ومهما حاولت إخفاء حقيقة وجهها بأقنعة الوطنية، لا تلبث إلا أن تسقط تلك الأقنعة عند أقرب استحقاق وطني وتتكشف قبحها وهواها، وقد كشفت الأحداث الراهنة التي يمر بها الوطن بما لا يدع مجالا للشك حقيقة الكثير من تلك الأحزاب.
العائق الرابع: الثقافات والعادات السيئة المكتسبة التي يؤمن بها الكثير من القيادات العسكرية والاجتماعية المتعلقة باستحلال المال العام الذي كان أساسه مذهبي هادوي انحدر قبل ثورة 26 سبتمبر من معتقد أنه من حق الهادوي "الهاشمي" أخذ ما يكفيه من المال العام ولا يتعارض ذلك مع مقتضيات الشرع فانسحب المفهوم على القبيلة التي سارت وراء المعتقد بعد ثورة السادس والعشرين عززه نظام عفاش البائد ولا زال البعض يستجره ويمارسه في صفوف الشرعية حتى الساعة.
 فعلى الشعب اليمني مواجهة تلك العوائق كما يواجه المريض النفساني حقيقة مرضه وطبيعة علاجه دون دواء، ولا يأس مع الصبر وتكاتف الجهود، ولا أمل بدون جهدٍ وعمل. الوطن غني وزاخر بالقامات الوطنية رموز النضال الذين يقفون مع الحق ويرددوا نشيده الوطني، ثابتين كقمم شماء لا تنحني رؤوسهم للعاصفة مهما كانت عاتية ولا تنجرف معها أبداً. أقدامهم راسخة على الأرض، وتقاتل على رؤوس الجبال، وهممهم تناطح السحاب. ومهما أرخى ظلام الليل علينا سدوله ستنجلي كل أنواع الظلام وتنكسر قيود الظلم والطغيان مصداقاً لقول شاعر الرومانسية أبو القاسم الشابي رحمه الله:
إذا الشعــب يومــاً أراد الحيــاة فلا بـــد أن يستجيب القــدر
ولا بـــد لليــــل أن ينجلـــي ولابـــــد للقيـــــد أن ينكســـــر
ومن لم يحب صعود الجبــال يعش ابــد الدهــر بيــن الحفــــر

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد