قرأت تحقيقاً صحفياً يحكي معاناة موظف يعمل لدى مصنع السمن والصابون في تعز، حيث تحولت مسافة الطريق المستغرقة من منزله الكائن في بير باشا بغرب تعز إلى موقع عمله في مصنع السمن والصابون بغرب تعز أيضاً والذي يبعد موقع عمله عن منزله مسافة 4 كيلو فقط من 10 دقائق عبر حافلة ركاب إلى عشر ساعات عبر سيارة صالون !!!*
كان ذلك الموظف قبل عامين ونصف يحتاج فقط لزمن 10 دقائق كي يتمكن من الوصول إلى مقر عمله عبر حافلة الأجرة التي كان يستقلها يومياً ويدفع الموظف أجرة ذلك المشوار مبلغ 50 ريالاً فقط.
اليوم وبعد ثلاثة أعوام من الحرب التي يقودها الانقلابيين ضد تعز وبسبب حصارهم المُطبق على تعز أصبح ذلك الموظف الذي يبعد مقر عمله مسافة أربعة كيلو فقط عن مقر سكنه يحتاج لزمن 10 ساعات عبر وسيلة نقل سيارة صالون وبأجر مالي مبلغ وقدره عشرة آلاف ريال حتى يصل لمقر عمله !!
وبعد أن كان ذلك الموظف يودع عائلته صباحاً أثناء ذهابه لعمله ويعود إليهم الساعة الثانية ظُهراً من نفس اليوم، أصبح اليوم ذلك الموظف بسبب حرب الانقلابيين وحصارهم لتعز يغادر منزله أول الشهر ليعود إلى عائلته نهاية الشهر من مقر عمله بسبب بعد مسافة الطريق ووعورتها وانتهاءً بكُلفة المبلغ المالي الذي يحتاجه الموظف ثمن قيمة مقعده في سيارة الصالون التي أصبحت هي الوسيلة الوحيدة للمواصلات التي عبرها فقط يستطيع الوصول إلى عمله والعودة إلى منزله مما اضطر ذلك الموظف أن يستأجر غُرفة صغيرة قرب المصنع تماماً بدلاً من مسكنه الأصلي تجنُباً لبعد مسافة الطريق وثمن أجرة المواصلات الباهظ !!*
هذا الواقع اليوم ليس حال ذلك الموظف فقط بل هو حال معظم الموظفين من أبناء تعز العاملين في القطاع الخاص الذين أصبحوا بسبب حرب الحوثيين وحصارهم المفروض على مدينة تعز يسافرون عبر أوعر الطُرق ويعرضون حياتهم لكل المخاطر ويدفعون مبالغ مالية باهظة من أجل الوصول إلى مقار أعمالهم.
ولكم أن تتخيلوا فقط كيف تحول وضع سكان تعز عامة وموظفي القطاع الخاص في تعز خاصة حيث تحولت مسافة طُرقهم من منازلهم إلى مقار أعمالهم من 10 دقائق إلى عشر ساعات ومن خمسين ريالاً أجرة المواصلات إلى 10 آلاف ريال ومن الخروج من المنزل صباحاً والعودة إلى عائلته ظُهراً إلى الخروج من منزله أول الشهر والعودة إلى عائلته نهاية كل شهر.
إنها تعز وحدها هذه المدينة من بين كل المدن في الكرة الأرضية التي تعيش معاناة منقطعة النظير ولا مثيل لها بين مدن العالم بل هي مُعاناة حصرية خاصة بتعز وتعز فقط وكل تلك المعاناة يعيشها سكان تعز منذ ثلاثة أعوام وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع.
