تعز هي في اليمن هرَم، وفي الدولة الشرعية هرَم، وجبل صبر في تعز هرَم، وموقع العروس في الجبل هرَم، والجيش والمقاومة في تعز هرَم، فمن لا يرى تعز، ولا الجبل، وإلا الجيش الوطني، ولا موقع العروس الهَرَم، فقد أصابه الخفقان والعجز والزيهيمر والكِبَر والهِرِم؟! ولهذا ستخرج تعز لتدفن شهدائها الضحايا، ثلاثة أكياس لأجساد بشرية باقية، وبالأصح ثلاث علاقيات لحم مشوي لثلاث بنات عفيفات متنزهات من أسرة شرعبيّة تعزيّة واحدة، هم أبناء وأحفاد للشيخ/ علي قائد الكباش، شرعب السلام، وهن ثلاث بنات مسمّيات بأسمائهن، ومعهن جنين في إحدى البطون لم تكن ولادته قد حانت فضلاً أن يتسمى، ستظل تعز تحفظ هذه الأسامي ويومها الدامي، وفعل طيران التحالف الرامي المتعامي أبد الدهر؟!

هؤلاء الأبرياء إحداهن معها ما تحمله في الرّحم، جنين يخرج من رحم أمه غصباً عنه وقبل أوانه، وبدون طلق الوضع الطبيعي، بل غصباً عنها، ولم تستطع هي إيقافه، لكن طيران التحالف كان قد أذن له بعملية إجهاضية قيصرية لن تنساها تعز أبد الآبدين، أطباؤها طيارون من رعاة الإبل وسُبَّاق الهجن، وآلتها طائرات وصواريخ القياصرة والأكاسرة التائهون الجدد في سراديب الانتقام والتأديب بصواريخ الطيران الحربي؟!

إذ أخرجوه بطيرانهم مصبحين من مشيمات سردايب الأرحام الطاهرة، فانطلق بلا قابلات ومولدات -إلا مولدات المقاتلات الغادرة، ومحرُّكاتها المشبوهة ليطير ما في الأرحام في الهواء كالقذيفة من مظروفها إلى هناك بين الأحجار والأشجار في لحظة المخاض الأكبر، مخاض الدنيا إلى الآخرة بلا عودة، في لحظة أن صارت أمه بعض أشلاء ممزعة وممزقة وموزعة تتنافس مع جنينها المتطاير الارتطام على الحيطان والجدران والجداول وأغصان الأشجار وعيدان الأحطاب وبقايا حشيش الصيف..

ما أظن أن هناك جرأة لطيران التحالف العربي قد أخرجته عن أهدافه المرسومة، وأفقدته أعصابه شبه المتماسكة، وانحرفت به عن الجادية والصوابية إلى حسابات الزبانية الخاطئة قد تجاوزت جرأته وحماقته كما هو الأمر في هذه المرة، وفي هذه الضربة التي وجهها على مواقع عسكرية وأمنية للجيش والمقاومة التعزية في جبل العروس الاستراتيجي.

♦فكل الضربات غير الموفقة التي أطلق عليها سابقا كل في حينه اسم (الخاطئة) في كل مرة للثلاث السنوات الماضية والتي صارت خسائرها لا تعد ولا تحصى فقد تقبلتها تعز وامتصت غضب الجماهير وأولياء الضحايا وبلعتها على الناشف، والتمست للفاعلين الأعذار، وحملتها على أطيب محمل، وبحثت لها عن المداخل والمخارج والمبررات، وكأني بمنطق الجيش والمقاومة وحكماء الشرعية يخاطبون ابن تعز المتضرر ويخاطبون معه الطائرة المخطئة يومئذ في كل مرة على مرارة وتساهل وتسامح كما خاطب عزيز مصر يوسف عليه السلام وامرأته زليخا فقال: (يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين)؟!

♦لكن ما قام به طيران التحالف من هجوم مباغت على موقع العروس قمة جبل صبر الاستراتيجي يوم (الثلاثاء 14/ نوفمبر/ 2017) مسألة تختلف تماما وقد فاقت كل التوقعات، فليس للتحالف أو بعض مكوناته الفاعلة فيها أية عذر أو أعذار أو حجة أو شبهة في موجبات الاستهداف، حيث وأن الموقع يتحدد في عمق المناطق المحررة مع الشرعية منذ الأشهر الأولى للحرب، وبينه وبين مواقع الحوثي وتواجده مسافات تحسب بالكيلوات والأميال؟! الأمر الذي اعتقده بأن عدالة السماء لن تفلته عاجلا أم آجلا! وأن الفاعل أيا كان لا محالة سيقع تحت قبضة الحَكم العدل، ثم تحت المسائلة القانونية المحلية والإقليمية والدولية للمحاسبة ومراعاة ضمان الحقوق الأخلاقية الإنسانية في الحروب مدنية كانت أو عسكرية. 

♦ والذي اعتقده وأجزم به بأن الجيش والمقاومة والسلطة المحلية في تعز والشرعية لن تغيب عنهم الحكمة في تجاوز هذه المحنة فيما يحفظ لتعز أمنها واستقرارها وأمانها الدائم من نيران الطيران التحالفي الداعم الأكبر في الحرب على الإنقلابيين، وكذلك محاسبة الطيران الطائش وأهدافه الطائشة التي لا تعبِّر عن الأهداف الحقيقة التي بدأوها في أول مرة في عاصفة الحزم، وذلك عبر القنوات الشرعية الرسمية بما يضمن سلامة الجيش والمقاومة ومواقعهما ومؤسسات الشرعية في المناطق المحررة،،