للأسف في منطقتنا العربية والإسلامية ومجتمعنا المحلي لا بد أن تكون الصحيفة رسمية مائة في المائة تمجّد الحاكم والدولة، وتسبّح بحمده وتذكره بخير صبحاً وعشياً وتستغفره وتقدسه، وإما أن تكون الصحيفة أهلية وتسمى مستقلة يملكها شخص أو مؤسسة لا تخرج عن إطار الدولة والتحدث باسمها وتلميعها وذكر محاسنها ويمولها النظام الحاكم، وهنا تكون شبه رسمية الهدف والتوجه والاهتمام والطوية والسريرة، لكنها أهلية الاسم والوصف والظاهر، وإما تكون صحيفة حزبية جماعاتية طائفية تمجد الحزب والزعيم وتصرف غالب جهودها في صناعة أندادها وصناديدها، وذلك هو ما يريده رئيس الدولة أو ملكها أو أميرها، أو سلطانها وكل الصف الأول في الدولة؛ فضلا عن ان الحاكم بالانقلاب وفارض سلطة الأمر الواقع بقوة السلاح والمليشيات والأنصار والأصحاب؟! وكلها تسقى بماء واحد؟! أما الصحيفة المستقلة المحايدة التي تمتلك الكلمة الحرة وتبحث عن الحقيقة، وتنقل الخبر الصادق، والمعلومة الصحيحة بمهنيِّة تامة فتلك مصيرها الإغلاق والنهب والسلب ومصادرة حقوقها المادية والمعنوية.
نعلم جيدا بأن صحيفة "أخبار اليوم"، اليومية، السياسية، الجامعة، المستقلة، هي ذلك الخيار الرابع المستقل بحق وحقيقة، وهي صحيفة طبيعية تعي غايتها جيداً، وتحقق أهدافها عند الجمهور بامتياز لمصداقيتها وواقعيتها، صحيفة لا تنافس المتسلط على السلطة لتحكم، ولا تنافس المسايس على الكرسي لتجلس عليه. مهنتها الوحيدة تقديم الخدمة الإخبارية والمعلوماتية الشاملة للمواطن والمسؤول اليمني خلال 24 ساعة على السواء بمهنيَّة متناهية، وموضوعية واضحة، وحيادية قاطعة، ومنهجية ثابتة، وتغطية شاملة، وجوانب متكاملة، ووسطيّة فكرية متوازنة، تحت مظلة الدستور وقانون الصحافة والإعلام ولوائحه النافذة.
نعلم جيدا أن صحيفة "أخبار اليوم" مستقلة، لا تنتمي إلى حزب، ولا تأوي إلى طائفة، ولا تتعصب لمذهب، ولا تعمل لجهة داخلية ولا خارجية، ولا ترتمي في حضن فئة موجّهة، ولا تحتمي في حصن جماعة، إنما هي اليمن، كل اليمن، إنما هو الوطن: الأرض والإنسان؟! لكن يد الاستبداد تمتد إلى كل شيء جميل لتلوثه، تمتد إلى الكلمة الطيبة في هذا البلد الطيب السعيد لتسقطها وتجعلها السفلى كي تعلي من شأن الكلمة الخبيثة وتجعلها العليا وما هم بقادرين على ذلك مهما قالوا أو فعلوا أو أمروا؟!
في الختام أقول: اليوم أصبحت صحيفة "أخبار اليوم" همزة الوصل بين العاصمة المؤقتة عدن وبين بقية المحافظات والمناطق المحررة، فكان ينبغي أن تشكر للقيام بمهمتها الخبرية الوطنية، كان ينبغي أن تمدح إدارتها وصاحب امتيازها المالك لها، ومديرها، ورئيس تحريرها وطاقمها لمواصلة النشر وطمأنة المواطن، والسهر على إيصال المعلومة المستقلة إليها في وقت توقفت كل الصحف الحزبية بأمر حاكم الإنقلاب! كان ينبغي أن تقابل إيجابية الصحيفة بإيجابية المواقف في حكومتي الإنقلاب والشرعية على السواء؟!
ومع ذلك ستظل صحيفة "أخبار اليوم".. تلك الصحيفة اليومية السياسية الجامعة المستقلة تغطِّي جوانب ذات أهمية من اهتمامات المثقف اليمني، وتجيب على كثير من تساؤلاته واستفساراته اليومية، وتضخ مختلف القضايا السياسية في الحرب والسلم لتنضحها في ربوع اليمن وتضعهم على واقعهم الحقيقي ومستجداتهم على مدار الساعة؟!
ومهما نال المستبد الباغي من ماديات ومعنويات مؤسسة (الشموع) وصحيفة "أخبار اليوم" بشظايا نيرانه، وشرارات جمراته، ودخان حرائقه، لكنها -في تقديري- صحيفة قوية متماسكة مستمرة بالكلمة الحرة، عصيَّة تدفع عن نفسها بأوراقها الطرية الرقيقة، وترصد أخبارها ومعلومتها بمدادها الذي لا ينضب، وتوافي الجمهور العاشق لحروفها وكلماتها وجملها وسطورها، وتشبع المستهلك الثقافي النهم.
نعم.. ستظل صحيفة "أخبار اليوم" تعلن في كل يوم على جانب من صفحتها الأخيرة عدد أيام مصادرة حقوقها ومقرها وآلاتها في العاصمة صنعاء مهما بلغت أعداد الرقم حتى تنتزع حقوقها وتنتصر بإذن الله، تشكو لمجالس حقوق الصحافة والثقافة والإعلام، تشكو إلى الحكومة الشرعية في الداخل والخارج، تشكو قضيتها للرأي العام المحلي والإقليمي، تشكو قضيتها لجمهورها وقرائها كي يرتدع الظالم عن ظلمه، والطاغي عن طغيه، والباغي عن بغيه، لعل ضميره يستيقظ وأجفان عيونه تتفتح، فيرى جنايته على مؤسسة ثقافية، وصحيفة خبرية يومية أهلية مستقلة عن الأطراف والأحلاف والأجلاف والأخلاف، فلا دخل لها بحكم الحاكم الظالم أو العادل المسالم، ولا بثورة الشعب المحكوم المظلوم، ولا بالقتلة المجرمين المنقلبين بقدر ما هي راصدة للحق والحقيقة وناقلة له إلى جمهور الجمهورية اليمنية عامة؟!