الصحيفة هي تعليم وانتفاع، تسليّة واطلاع، قراءة واستمتاع، ثقافة واسترجاع.. الصحيفة هي الفرصة المفتوحة لقراءة الخبر واكتساب المعلومة مرات ومرات بالتكرار والإعادة والتؤدة وحفظ واستيداع. الصحيفة المستقلة هي ذروة سنام (السلطة الرابعة) بحق وحقيقة؛ لكنها سلطة بلا كرسي، ولا حكم، ولا قصر جمهوري. الصحيفة المهنيَّة هي (صاحبة الجلالة) في المجتمع؛ لكن جلالها بلا ملك، ولا ديوان ملكي، ولا قصور للأمراء أو للسلاطين. الصحيفة الموضوعية هي (عين الشعب) التي بها يرى وطنه ومجتمعه وحياته وحكومته ودولته، لكنها ليست عين المخبر، ولا الجاسوس المسفر، ولا الأمن القومي أو السياسي المُخفِر!. الصحيفة الجادة المحايدة هي الموجِّه المؤثر للوعي والرأي العام في البلد التي تصدر فيه، وهي آلة التنوير والتبصير المعلوماتي في عالم الإنسانية.
الصحيفة الصادقة، تعد عند العقلاء من الناس مرآة للمواطن، تعكس له ما يدور في كواليس الدولة وسلطات الحكام، وهي أيضا تعد مرآة للحاكم البصير تعكس له الواقع وما يدور في أوساط الشعب وأطيافه وأحداثه، فتتقارب وجهات النظر، وتحل كثير من المشكلات وتلبى غالبية الحاجات، لأنها في إيجابيتها عملية إعلامية ناجحة، وحركة تنموية رافدة للنهوض، وأداة خير وخدمة للغير، ووسيلة تحقيق الحق والتغيير.
وإذا أردت اليوم الرَّمي بسنارتي الأكاديمية إلى بحر الصحافة والصحف الورقية اليمنية الزاخرة الباقية، وأدلي بشهادتي الفكرية وتجربتي وخبرتي الإعلامية فلا يكون الصواب قد جانبني أو العقل قد فارقني إن جزمت أن (صحيفة أخبار اليوم) اليمنية هي الترجمة النظرية الواقعية، والعملية الفاعلة لتلك التوصيفات المذكورة آنفا في جانبها الإيجابي بالتمام والكمال.
فإن (صحيفة أخبار اليوم) صحيفة شاهدة، نعم شاهدة بالحق والصدق والعدل، تنقل الواقع، تعتمد النافع، تلبي حاجة الشارع، تشبع القارئ النهم كالطعام للجائع، تحكي الحقيقة كما هي بلا حاجز ولا مانع، شفافية خبرية شفافة كالزجاج اللامع، شديد البياض الناصع وتلك هي الصحيفة كما يفهمها العقلاء والحكماء في كل بلد ثقافي متعلم يقرأ ويكتب ويفهم، في كل قطر متقدم متطور مزدهر، أو لا زال في النماء وينشد التقدم والتطور والازدهار.
لكن طبيعة المستبدين في الحكم لا يقبلون بصحافة هكذا، ولا بصحيفة كصحيفتنا (أخبار اليوم)؟! الجبارون في الأرض، المفسدون في الحياة، الذين لا يؤمنون بالحق، ولا بالحقيقة يخافون انتشار المعرفة العامة، والمعلومة العامة للجمهور والرأي العام، ولا يؤمنون بذلك كحق للجميع يكفله الدستور وقانون الإعلام والصحافة والثقافة، بقدر إيمانهم بالجهل والأمية واعتماد التجهيل كمبدأ أساسي في حياتهم وفرضه على الآخرين. يخافون من المعلومة كخوفهم من القذيفة أو أشد خوفا؟! ذلك لأن المستبد، الباغي، والحاكم الطاغي والإنقلابي الدموي يكره الصحيفة الراصدة للواقع بدقة وعناية والمشخصة للمشكلة الحقيقية، والكاشفة للوجوه الخاطئة المقنّعة!.
لذلك تلقت مؤسسة "الشموع" وصحيفة "أخبار اليوم" في مقرها الرئيسي بصنعاء هجمة شرسة من الحكام الأشرار، تلقت غضب حكومة صنعاء الإنقلابية العصبوية اللصوصية بصورة العقاب الفاحش، بلا مبرر، ولا مسوغ، ولا موجب، لهذا العقاب الشديد الذي سام المؤسسة والصحيفة وإدارتها سوء العذاب، على مدى هذا الزمن الطويل الذي بلغ ألف يوم حتى كتابة هذا ونشره للرأي العام والخاص في هذا اليوم الفاصل المتمم للألف بهذه العبارة الشاهدة التي طالما تمر من أمام أعيننا في كل يوم، ونحن نقرأ هذا النص الموجع(... اقتحام واحتلال مليشيات الحوثي لصحيفة أخبار اليوم ونهب مطابعها ومخازنها وممتلكاتها)؟!
تلك العبارة التي ظلت الصحيفة تطالعنا بها في كل يوم وترددها مع صورة الموقع مكان الجريمة الشنعاء في العاصمة صنعاء ولا زالت، بذلك الرقم المسلسل الذي بلغ اليوم مرتبة الألفية، منذ ما يقارب من ثلاثة وثلاثين شهراً وازدادوا عشرا، وإن بلوغ هذا العدد(1000) في هذا البلد، ليشهد الواحد الأحد والفرد الصمد، وكل والد وما ولد على ظلم الظالمين وبغي الباغيين في حق هذه الصحيفة الغراء وما تلاقيه من عناء وكبد، تسلب علاقتها العامة، تحرم من جمهورها، تسرق مقتنياتها، تعدم حيويتها ونشاطها، ثم يغلق مقرها جبرا وقسرا كمؤسسة إعلامية رائدة بحجم صحيفة "أخبار اليوم" الأكثر قبولا والأوسع انتشارا في الآفاق اليمنية وفي منصات التواصل الاجتماعي- ولكنهم لن يستطيعوا أبدا؟!
(2)