📶 هناك طفرة ظهور بالآلة الإعلامية المقدمة للجمهور، وكثافة حضورها المباشر، كالسحاب الثقال، والغيم الماطرة، فالمادة الإعلامية الخبرية بآلتها الخفيفة السهلة الميسر في متناول الأذنين والعينين واليدين والجيبين، بل صارت أقرب إلى الشخص من حبل وريده، صنعت لنا شخصيات إعلامية من العدم، ودون مقدمات وموسطات ومؤخرات أو مؤهلات، جعلت من الأفراد الهواة مصادر للأنباء والأخبار يأتيك بالأنباء قبل أن تقوم من مقامك، بل يزودك بها قبل أن يرتد إليك طرفك.
📶 فآحاد هؤلاء قد جعل من نفسه وكالة أنباء، وشركة إعلام! وهكذا (كل واحد يَقلِي من دجْره!) أي من حبوب طعامه المكسوب، ولا يهم هؤلاء بأن كثافة إعلامهم كل بحسب رؤيته ونظرته للواقعة يشوِّش على المتلقي القارئ فإن كثرة الطيور الشخصية المنزلية يعني كثرة الصياح، وذلك يأتي على حساب نعمة السبات والنوم في الليل! وقد قالوا: (إذا كثروا الدِّيَكة أبْطلوا الليل!)؟.
📶 الأمر الذي جعل هاوي كتابة الأخبار، والصنعة الإعلامية بلا امتلاك الأدوات والمؤهلات الإعلامية ومعاملها يسبق إلى صياغة وكتابة خبر سمعه في جزء من حديث المتحدث أمامه في لقاء في مؤتمر، في ندوة في حشد جماهيري، ثم يرسله مباشرة بواسطة آلته التلفونية، على هذه المنصات ذات الوجبات الخبرية السريعة قبل انتهاء المتحدث من فكرته التي يريد طرحها للحضور، ومن ثم يسوِّقها للرأي العام رسميا، قبل انتظار وكالات الأنباء المحلية ووسائل الإعلام الرسمية والأهلية والنطقاء الإعلاميون الرسميون؟!
📶 يكون المتحدث لا زال يُدلي بأقواله وتصريحاته وتوجيهاته وأوامره ووعوده، بينما الطباخ الخبري الدخيل والقناص الإعلامي العليل قد أشعل النار في تنوره، وخبز خبره، ونشر نبأه، ولو يعلم هذا الإعلامي أو الصحفي المتعلم أن المتحدث أحيانا يجمل، وأحيانا يفصل، مرة يعم، ومرة يخص، تارة يطلق، وتارة أخرى يقيد، ثم يضيف المتحدث هذا على ما ذكر ما لم يذكره من قبل، بمعنى يستثني، يستدرك، يحذف يعتذر، وربما في ختام حديثه يلخص ما يريد قوله بأجمل تلخيص وهو المراد إثباته، لو يعلم هؤلاء هذا لمَا وقع في فخ الجمهور المثقف والشهود الحضور الذين لا يغيب عنهم الثقات العدول؟!
📶 يقع صانع الخبر أو كاتبه المستعجل في خطأ، أو في أخطاء نظرا لتسرعه، يقع في الاختصار المخل، في الإيجاز غير المفيد، يقع في الاجتزاء السلبي الذي يعطي رسائل غير طيبة للقارئ، يقع في حبائل شبكة الاقتناص الإعلامي الموجّه، يقع في تحريف حديث الرجل المسؤول الذي يحسب الناس لما يقول ألف حساب وحساب، يقع في تعسف التصريح والاعوجاج به عما أراد به صاحبه، فيَهْلِك ويُهْلِك لا محالة.
📶 ومع ارتكاب هذه الأخطاء قد نلتمس العذر لكاتب الخبر أو الهاجم على مهنة الإعلاميين أو الإعلامي المبتدئ في تكرار أخطائه أو كثرة خطأه على صوابه لأنه غير متخصص، ولأنه يحاول أن يصنع تغطية إعلامية ويستبق المعلومات، ولأن بعض الإعلاميين المتخصصين من ذوي المهنة والخبرة والدربة ويجمعون بين النظرية الإعلامية وتطبيقها هم الذين فسحوا المجال وفتحوا الباب على مصراعيه لغير المتخصصين..
📶 فقد قصّر بعض الإعلاميين المتخصصين وتوانوا ومالوا وتأثروا إلى حد ما، وبعضهم قد انحرفوا وغيروا وبدلوا وتركوا المهنية إلى حد كبير، نعم بعضهم للأسف كفروا بمهنتهم ومهِنيَتِهم، يفعلون غير ما يقولون، تنكروا للواقع وسبَحوا عكس التيار، مما أفقدوا الجمهور والرأي العام الثقة بهم، بل قطعوا حبل الثقة الواصل بين الطرفين فكانت مصادر وجروبات فردية تنتج الأخبار وتغطي المساحة المستفيدة والإطار الراغب ذات التوجه الموحّد إلى حد مقبول ويظل التقصير شاهد،،
أستاذ مشارك- كلية الآداب- جامعة تعز
يتبع(3)