✅ هي رواية ثابتة في كتب السنة تحكي لنا قصة سؤال الرسول - صلى الله علبه وسلم- لبعض يهود المدينة في يوم العاشر من المحرم وهم في حالة صيام، لماذا تصومون هذا اليوم؟ فقالوا هذا يوم نجّى الله فيه موسى- عليه السلام- من فرعون مصر؟ فقال رسول الله لهم: نحن أحق بموسى منكم، وأمر المسلمين بصيام هذا اليوم، وقال: لأن حييت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر، أي إلى( قابل) إلى العام القادم،،
✅ فما أعظمك أيها الرسول الكريم؟! وما أعلاك وأسماك أيها النبي العظيم؟! وما أعظمك يا محمد بن عبد الله، يا رسول البشرية الرحمة المسداة للعالمين؟! وما أوسع معانيك يا إسلامنا، ويا ديننا الحنيف!
✅ ما هذا الامتداد في التصور الذي يشير إليه رسولنا العربي؟! ما هذه الأبعاد والأهداف والمقاصد التي يجيب عنها نبينا الأممي؟! وما هذا الربط المحكم بين الأمم والأنبياء والأقوام بجواب عابر لسؤال عابر بأقصر جملة وأبلغها وأفيدها؟! هذا الربط العالمي النبوي الوثيق في لقاء بيهودي على جانب الطريق يؤدي شعيرة مناسباتية عيدية توارثها عن أجداده المتدينين؟!
✅ إنها العلاقة الإسلامية المفتوحة مع الآخر، المطلقة مع الخير والخيريين في أي زمان ومكان، وعلى كل حال، ما دام أن الفضيلة هي القائدة الرائدة؟! إنه التواصل الديني الوثيق مع بعض أمارات التدين وبقايا الأديان السماوية السابقة، مع بقايا فعل الإنسان والإنسانية والشقيق والصديق في حفظ الفضائل والمحامد والمكارم؟!
✅ إنه التفكير النبوي البعيد المعبر عن الرسول والرسالة، إنها النظرة العليا المتسعة مترامية الأطراف، متجاوزة الجدال والمراء والخلاف، إنها سياسة مد جذور التواصل والتعايش مع الآخر والالتقاء حول الكلمة الطيبة والفعل الحسن والخلق الجميل والشعيرة الدينية والفضيلة المنشودة.
أليست هذه هي عالمية الإسلام! وعالمية الرحمة النبوية، وعالمية الوفاء الديني الديني! ألم تكن هذه سياسة الإسلام، وعولمة الأفكار والأخلاق والشعائر والشرائع التي بنبغي أن تكون، لقد ربط اليهودي صيامه بيوم النجاة الموسوي في الزمن الغابر، بيوم الانتصار على الظلم والاستبداد والبغي والطغي الفرعوني وهو في المدينة، وتلقفها رسول الله بحب وشغف وكرم وزاد على نورها من نوره، ثم أرسلها في مشارق الأرض ومغاربها، أرسلها في الآفاق على الإطلاق هكذا(نحن أحق به منكم) يا لروعة الأنبياء والنبوة؟!
يا الله امنحنا من نفحات الأخلاق التي وهبتها رسولك فجعلته عظيما معظما في كل شيء، حقا رسولنا أنك قائد البشرية، ورسولها الكامل الشامل الرحيم، صدقا وعدلا ما وصفك به ربك يا محمد(وإنك لعلى خلق عظيم)، وكما وصفت نفسك الزكية بنفسك (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
إنه الموقف النبوي التاريخي المشهود في تحديد العلاقات الإسلامية الداخلية والخارجية للمسلمين مع غيرهم، تحديد كيفيتها ونوعيتها بين الإسلام والمسلمين والأنبياء والرسل من جهة، وبين ذلك كله والأقوام والأمم الأخرى، حتى وإن كانت تحت مظلة رسالة الإسلام،،
هو درس تاريخي نبوي محمّدي فريد، درس من السنة النبوية الصحيحة الثابتة تتعلم منه الأجيال المسلمة، فضلا عن الأجيال غير المسلمة فن التعامل والتواصل والتعايش مع الآخر أيا كان هذا الآخر معتقده وتدينه، ما دام أنه من المسالمين للإسلام والمسلمين،
موقف يصب في عالمية الإسلام وعولمته ورحمته للعالمين عربهم وعجمهم، علمنا فيه نبي الله محمد الأعظم أن هناك نقاط خير ممكن نلتقي عليها، ونتفق حولها، وأن هناك نقاط تمايز وتغاير ينبغي أن نتخالف فيها ونتمايز حتى لا نذوب في ثقافة الآخر، هناك أصول وفروع نتفق فيها ونختلف (لأصومنّ التاسع والعاشر)، إضافة وتجديد وتطوير، لا إزالة ولا حذف، ولا استنقاص، ولا ازدراء، إنما مهمته -عليه السلام- أن يتمم مكارم الدين والأخلاق، وعلمنا رسولنا أن هناك بقايا خير عند الإنسانية حتى وإن كانت كافرة وعنه ممكن نبني عليها أشيائنا؟!
إنه يوم العاشر من المحرم، يوم إظهار العبادة والفضيلة ونقاط الخير في العالم وللعالم أجمع، وأن لا تبقى هناك بقايا خير مخفية مختزلة بين أهل الكتاب والمسلمين ما دام أنها من الباقيات الصالحات، إنها نقاط التقاء واجتماع ولو على أدنى التعامل فلتقبل ولتعزز وليشكروا عليها ولنجعلها لنا محطات تزود وتقوى.
إنه يوم إقامة العلاقات الإيحابية وربطها مع الماضي الإيحابي، يوم الاتفاق على مبدأ التبرؤ من المفسدين والجبارين والقتلة والمعتدين والبغاة المتعالين المتكبرين، يوم الصيام والقيام والدعاء على الظالمين أدعياء الربوبية، والألوهية، والحق الإلهي، ومنازعة الله في أمره، ووحيه، وكتبه المنزلة على رسله، فلنصم لله جميعا، مسلمون وأهل كتاب، ولنتفف معا في مواجهة المفسدين في الأرض أعداء البشرية.
إنه يوم التوجيه النبوي الكريم إلى الداخل الإسلامي، والتعميم النبوي العام لإعتماد هذا اليوم في الصيام وزيادة يوم قبله أو بعده، لأنه يوم نجّى الله فيه موسى -عليه السلام- فنحن المسلمين أحق بموسى من قومه به لأننا نمتلك خاتم الرسل محمد -صلى الله عليه وسلم- وآخر الأديان الإسلام، وخاتم الكتب السماوية وخلاصتها القرآن الكريم.
ودع عنك أخي المسلم في كل مكان، وفي بلاد اليمان فئة مارقة عن الدين ضالة عن الهدى، تحرِّف القرآن وتنكر السنة وتسب الصحابة وتلعنهم، وتطعن في أزواج النبي- صلى الله عليه وسلم- أرادت أن تعتبر هذا اليوم التاريخي المعلوم يوم عاشوراء لخرافاتهم ومشاريعهم الشيعية الرافضية الإمامية الاثني عشرية المجوسية الفارسية، يوم نشر الضلالات والكفريات والشركيات والمنكرات الكبيرات.
✅ الشيعة في العالم، والحوثية في اليمن، ومن اتبعهم وشايعهم من المليشيات والفناديل والزنابيل يجعلون هذا اليوم يوم عزاء، وندب الوجوه وخمشها، ويوم بكاء، وصهيل، وصرخة وصرخات وعويل، ويوم شخبطة الوجوه والرقاب وطعن الظهور والصدور، ويوم إقامة العزاء ولطم الخدود وشق الجيوب!! وجلب المجهود الحربي ويوم مكاء، وتصفيق، وتصدية، ويوم صخب وضجة وضجيج ونهب وسلب وحرب وقتل وقتال، وفبه يبثون أبواقهم الإعلامية الكاذبة الخاطئة لتضليل العامة من الناس.
✅ يفعلون تلك(الخزعبلات) حتى لا تسمع الأجيال منجزات هذا اليوم التاريخية على كافة المستويات، أو تقرأ عنها، أو تراها، ثم تؤخذ منها العبر والعظات والدروس والإرشادات، وكل ما هو ممكن الاستفادة منه في مجال العلاقة والتعامل مع الآخر مما نستلهمه ونسترشده من هذا الموقف النبوي العظيم، في مثل هذا اليوم الديني العبادي الأغر، وهو اليوم الذي يمكننا أن نعرض فيه ثقافتنا وحضارتنا وديننا وإسلامنا وأخلاقنا وطبيعة إسلامنا للغربيين والشرقيين على السواء كما هو في منطوق ومفهوم هذه الرواية الثابتة، ومعلوم وفي هذا الحديث الشريف بقول النبي صلى الله عليه وسلم- وفعله بالتمام والكمال!! وتلك هي قراءتي لذكري يوم العاشر من المحرم وصيامه وصيام يوم قبله أو بعده بأبعادها وإمتدادها ومعانيها الواسعة المتسعة.