تحفة حُبل امرأة يمنية خالدة الذكر في ريف شمال تعز، ثارت ضد ظلم الإمامة قبل ميلاد فجر ثورة 26 سبتمبر المجيدة بعشرين عاما.
إنها تحفة سعيد سلطان الشرعبي، المعروفة بـ" تحفة حُبل" ثائرة يمنية رائدة رفضت الظلم وقاومت عكف الإمامة، وأوقدت شعلة الحرية في عز سطوة الرعب والجهل والكهنوت.
تمكنت تحفة حُبل من تأليب المقهورين في شرعب، واستعادوا أراضيهم المنهوبة من قبل عمال الإمامة، ووسعت ثورة الرفض للظلم والاستبداد حتى وصل صيتها إلى الإمام أحمد.
كانت تحفة حُبل تدرك نقمة الإمام عليها، ولهذا فرضت حضورها الشعبي بالانحياز للناس، وقادت أول مسيرة سلمية راجلة منتصف خمسينيات القرن العشرين من شرعب إلى قصر العرضي في مدينة تعز (مسافة 40 كيلو).
كان هدف المسيرة غير المسبوقة إيصال رسالة إلى الإمام أحمد عن ظلم عماله لأبناء منطقة شرعب، ووعدها بوقف التعسف والظلم، وتبين بعد ذلك عدم تنفذ وعوده.
وبعد أشهر معدودة وتأكيداً على رفضها للظلم، طردت عامل الإمامة من شرعب، ووصل الخبر إلى الإمام، وهددها برسالته الشهيرة التي جاء فيها: "من الإمام أحمد إلى تحفة حُبل.. يا شرعبية خلي الأذية.. صوت المدافع في الجحملية".
فهمت الثائرة تحفة حُبل فحوى الرسالة، وهذا ما زاد سخط الناس من تهديد الإمام أحمد، ولكنها لم تذعن، وعملت مع أبناء المنطقة على تأمين أنفسهم وتوحيد صفوفهم وزراعة أرضهم.
وكان للثائرة تحفة حُبل دوراً اجتماعياً كبيرا في منطقتها، وكانت تحل الخلافات بين الرعية بدون مقابل، وحكمها لا ينقض بحكم ثقتهم بعدالتها بعدما ذاقوا مرارة الظلم على يد عكف الإمامة.
وتقدير المجتمع الفلاحي شمال تعز للمرأة مكّن الثائرة تحفة حبل من تعزيز حضورها أكثر من الرجال في عز مرحلة عرفت بالجهل والجوع والخوف من الإجرام الإمامي.
وبفضل شجاعة تحفة حُبل وحرص أبناء المنطقة على رفض الظلم خرجت شرعب عن سيطرة عكف ما كان يعرف بالمملكة المتوكلية قبل خمس سنوات من 26 سبتمبر 1962، وإعلان قيام الجمهورية.
تلك هي الثائرة الملهمة تحفة حُبل التي دونت تاريخها بأحرف من ذهب، وجمهرت في شرعب شمال تعز قبل ميلاد فجر الجمهورية بعقد من الزمن.
عاشت تحفة سعيد الشرعبي جمهورية المبدأ، فولاذية الإرادة وشخصية مهابة تعتز بموقفها المناهض للظلم حتى آخر يوم في حياتها، ورحيلها عن الدنيا يوم 29 ديسمبر 1994 م.