إنها كارثة التجهيل المتعمّد للأجيال التعزية المستحقة للتعليم بإغلاق المدارس العامة في وجوه الأبناء والبنات بسبب عدم دفع الدولة مرتبات المعلمين والموظفين لأكثر من عام دراسي كامل، وحقهم في ذلك، وحق الأكاديميين في الجامعة والموظفين في المؤسسات واضح وجلي وقوي ولا يحتاج إلى بيان ولا دليل، وحجتهم دامغة، تدمغ العقول الصنجاء، والرؤوس الدلماء، والعيون العمياء، والأفواه البكماء الساهية اللاهية المتغافلة عنهم.
إن توقف التعليم مصيبة وكارثة وقارعة لهذه المحافظة الثائرة المناضلة الوفيّة، حقا إنه إعصار قادم سيجرف العلم والتربية والتعليم والتدريس، ويغلق المدارس ومحاضن الثقافة ويوقف القراءة، ويطمس الكتابة، ويرفع القلم، ويطوي الصحائف والسجل والكراسة، ويجفف منابع العلم والثقافة والتربية ابتداء بالتعليم الأساسي ومروراً بالتعليم الثانوي والمعاهد العليا، وانتهاء بالتعليم الجامعي، بالتزامن مع تعطيل المؤسسات الإدارية المتعلقة بذلك فهل تسمع حكومتنا أو ترى أو تعقل؟!!
الأمر الذي يجعل تلاميذنا في المرحلة الأساسية، وطلابنا في المرحلة الثانويّة، وطلابنا وطالباتنا في الجامعة، عاطلين باطلين فارغين مفرّغين، عرضة للتسيّب والتسرّب والضياع، ومرتع خصب للنّمار والضّباع والسّباع والوحوش الضارية، والعقارب والهوام السامة، نعم والله سيكونون السوق القائمة الرائجة للمتربصين بنا الدوائر، نعم بضاعة الانفلات الأدبي والأخلاقي والتسكع في الأسواق والشوارع والمقايل والمقاهي، عرْضة لما هو الأخطر والأدهى والأمر، خلايا التطرف اليميني واليساري، عُرْضة للاستقطاب المحموم من جهة جماعات الإرهاب والشلل والعصابات المارقة الخارجة عن القانون، عُرْضة لكل أعداء الدين والوطن.
كل ذلك يحدث في تعز نتيجة للازدواجية والمحسوبية والتفرقة المذمومة التي تمارسها الحكومة الشرعية للأسف في نظرتها الحولاء العوراء إلى تعز المعلم والمدرس والموظف والأكاديمي، تعز المدرسة والجامعة والمكتب والمؤسسة، تعز التعليم والثقافة والكراسة والطبشور والسبورة والقلم، تعز الفكر والعقل المستنير؟!
حجم الكارثة كبير وعظيم، يتحدد (فقط) في التغييب المتعمّد للمدرس عن مدرسته، في سياسة تطفيش المعلم عن ممارسة تعليمه، في سلوك وسائل التمويت الأكاديمي للدكتور الجامعي أن يؤدي رسالته العلمية والأكاديمية في جامعته، في تشجيع الموظف على تسريح نفسه من العمل في مؤسسته نظرا لغياب الدولة عنه ونسيان وزارته له، وعدم قدرته على قبض مرتبه الفار عنه منذ عام دراسي وأكثر؟!
هذا التغييب المتعمّد، والتطفيش المترصّد، والتمويت الموجّه والتسريح القسري تتعمده حكومة الشرعية في عدن عيني عينك كما يقولون. وتتعمده الحكومة غير الشرعية في صنعاء لأنها سبب أول، من أجل إيقاف مصدر التمويل الشخصي المستحق، وقطع تيار الطاقة الأساسي للمدرس والمعلم، والموظف، والأكاديمي، والعسكري، والأمني، وهو المرتب الشهري، الاستحقاق الشرعي، الواجب الحكومي الذي يكفله الدين والشرع والدستور والقانون والعقل كي يصل لصاحبه ولو في أحلك الظروف.
يتبع(3)