بداية الاحتفال في اليمن
لعل مما لا يدركه البعض أن الهادوية في اليمن كانوا مقلدين للاثني عشرية بكل ما يتعلق بالإمامة باستثناء عصمة وحصر الإمامة في (12) إماماً من ذرية الحسين.. إذ أخذوا بقول أبي الجارود بحصرها في البطنين لمن خرج شاهراً سيفه ولهذا سموا (جارودية)، أما ما يتعلق بإمامة علي بالنص والوصية وعصمته وتكفير من عارضه أو تقدم عليه فقد حذوا حذو الإثني عشرية، وحين أصبح الاحتفال بعيد الغدير واقعاً وعلماً على الإثني عشرية مع أن من ابتدأه (البويهيون) كانوا زيدية بداية أمرهم، لم ير أئمة الهادوية في اليمن بأساً من تقليد الإثنى عشرية بهذا الاحتفال، ويجمع مؤرخوا الهادوية على أن بدعة الاحتفال بعيد الغدير قد دخلت إلى اليمن في القرن الحادي عشر الهجري، وكان أول من احتفل بعيد الغدير في اليمن هو أحمد بن الحسن بن القاسم في أيام عمه المتوكل إسماعيل بن القاسم بن محمد، وذلك سنة 1072 هـ أو 1073 هجرية على اختلاف بين المؤرخين فأبو طالب الحسني في كتابه (طيب أهل الكساء ص 88) يرى أن الاحتفال بعيد الغدير بدأ سنة 1072 حيث يقول عن أحداث هذه السنة :" وفيها كان ابتداء شعار الغدير، وإظهار الزينة والتباشير، والساعي فيه مولانا أحمد بن الحسن بمشاورة الإمام واستحسانه الرأي وتلقيه بالإعظام، وكان ابتداء هذا الشعار بحبور، فعم الشيعة بفعله السرور والحبور، فقيد به الجيش اللهام وسلت السيوف على متون الصافنات الجياد، ونشرت الأعلام، وأصلت كل فارس سيفه، وأفيضت الخلع على الكبراء والشعراء وقال المجيدون في مدح الوصي كل بديعة غراء وقام بذلك للشيعة الشنار واتقدت النواصب بسلال النار، وأول من سن نشر الأعلام ووضعها بهذا اليوم في أعالي الدور والآطام معز الدولة بن بويه وقد ذكر الذهبي ذلك في تاريخه وأشار إليه ". أ.ه
ويتفق معه عبدالله بن علي الوزير (في كتابه طبق الحلوى وصحائف المن والسلوى ص 185) لكنه يرى أن بداية الاحتفال كان سنة 1073 هجرية، حيث يقول نقلا عن يحيى بن الحسين: " ودخلت سنة ثلاث وسبعين وألف وفي هذه السنة كان من صفي الإسلام أحمد بن الحسن بن الإمام ابتداء شعار يوم الغدير ثامن عشر ذي الحجة الحرام بنشر الأعلام، وسل المشطب الحسام، ومد الحراب وأشرعها على الرقاب، ولما وصل الصفي إلى حضرة الإمام وهو بحبور اجتمعا على فعل هذا الشعار ". انتهى كلامه.
أما بدعة الخطبة بيوم الغدير فهناك إجماع لدى مؤرخي الهادوية أن أول من خطب بعيد الغدير هو محمد بن إبراهيم السحولي في 18 ذي الحجة سنة 1085 هجرية، فأبو طالب الحسني يذكرها في أحداث هذا العام فيقول : " وفيها - أي سنة 1085 - خطب القاضي محمد بن إبراهيم السحولي يوم الموكب بغدير خم وكان أول من سن ذلك واسمع الصم والبكم ولم تستمر الخطبة بعده في يوم الموكب وما أدري ما هو السبب الموجب لترك ذلك ".
ويتفق معه عبدالله بن علي الوزير في كتابه انف الذكر حيث أشار إلى أن " أول من أبتدع خطبة الغدير هو محمد بن إبراهيم السحولي في ثامن عشر ذي الحجة سنة خمس وثمانين وألف، ولم يكن قد خطب بها قبله غيره في حوزة الزيدية " . ويؤكد كلامهما المؤرخ يحيى بن الحسين في كتابه " أنباء الزمن .." في أحداث سنة 1085 حيث قال :" وخطب خطيب صنعاء محمد بن إبراهيم السحولي بخطبة الرافضة يوم الغدير ثامن عشر ذي الحجة يوم الجمعة، وحث الناس على الصيام فيه، وإظهار الشعار الذي للإمامية الاثنى عشرية، ولم يخطب أحد قبله من أهل مذهبه"... يتبع