;
أحمد عثمان
أحمد عثمان

عن الحزبية.. 1432

2017-09-10 22:58:16

أنا أحد المبهورين بشخصية عبد القادر سعيد تتبعت سيرته فوجدت أنه يمثلني تماما كما يمثلني عبد محمد المخلافي الزعيمان الشابان اللذان رحلا في العقد الثالث من عمرهما، ركزت كثيرا على العلاقة التي كانت تربط بين الرجلين سعيد والمخلافي سواء في القاهرة أو تعز لأنني لم أستصغ تأريخ التنافر بين التيار اليساري والإسلامي بتلك الطريقة المهلكة وهم في وطن واحد والتي استثمرت بخبث لصالح الاستبداد والخراب ووجدت أن الرجلين كانا صديقين حميمين رغم الاختلاف الأيدلوجي لأن النضج عندهما كان أكبر من الأيدلوجية وخاضا حوارا طويلا ومستمرا من أجل توحيد الجبهة الداخلية في أوج تناقضاتها وكان سعيد مثل المخلافي يرى أن هذا التناقض حد العداء يضر بالوطن وغير مبرر لم أقل هذا بفعل العاطفة وإنما بالاستقصاء عن حالة تأريخية وزعامات من النوع التي تحرق المراحل ويجهلها الكثير .
استمعت لشهادات اشتراكية وإسلامية قريبة من الرجلين ووجدت إجماعا بأنهما كانا متميزين واستثناء متقدما لو أتيحت لهما الفرصة لكانا استطاعا عمل نقلة نوعية للعمل السياسي اليمني من وقت مبكر، استمعت كثيرا للأستاذ الفاضل صاحب الروح الشفافة (محمد عبدالدائم الساده) القيادي في الحزب الاشتراكي وصديق عبدالقادر سعيد والمخلافي معا كما استمعت للمناضل(أحمد الحربي) القيادي الاشتراكي المعروف وآخرين وأكدوا لي أن عبد القادر سعيد كان مع المخلافي ومعهم آخرون في الحركة السياسية قد حاولوا بناء كتلة وطنية واحدة وعملا مشتركا وبحسب(السادة) فقد بدؤوا فعلا بوضع القواعد الأساسية للجبهة الوطنية التي تضم الفاعلين في الساحة من يساريين وقوميين وإسلاميين قال لي أحمد الحربي في ذاك الوقت كان الجو مشحونا بين الأحزاب وخاصة بين اليسار والإسلاميين الذي كان المخلافي زعيمهم الأول والذي شنت عليه شائعات رهيبة بحجم شخصيته .
رأيت عبد القادر سعيد والكلام للحربي يلتقي لقاءات مطولة مع المخلافي فاستنكرت ذلك وفي إحدى المرات قلت له كيف تلتقي مع هذا الرمز الرجعي التفت إلي مبتسما وقال (عبد محمد) شخصية وطنية مخلصة ومقتدرة والوطن يحتاج لأمثاله،و كادا أن ينجزا فعلا وثيقة اتفاق بين القوى الوطنية للعمل المشترك لولا غيابهما المبكر عن الساحة كان عبد القادر سعيد مهندس توافقات والزعيم القوي هو من ينجح في صناعة التوافقات لا الكراهية وزراعة المفخخات بين الناس بحسب (السادة) الذي كثيرا ما كانت دموعه الغزيرة تسبق تعابيره وهو يتحدث عن تجربة عبد القادر سعيد والمخلافي وشخصيتهما الساحرة النادرة ،لقد كان عبد القادر سعيد مشروعا وطنيا ينظر إلى جواهر الأمور ويتحرك بروح الوطن مشروع سلام يعتمد على قوة الوعي ووحدة الناس لم يكن طرفا في صراعات الرفاق ووقف ضد العمل المسلح اتهم بالرجعية من كثير من رفاقه وضاع صوته ببن زحمة الشعارات حتى جاء يوما ليقول عنه جار الله عمر (كان عبد القادر سعيد اكثر منا نصجا وتطورا ).
ذكر لي الأستاذ (السادة) قائلاً: أناعرفت قادة كبار من كل التيارات لكن اليمن خسرت خمس شخصيات بحجم جبال اليمن ولم أر مثلهم كانوا يمثلون فريقا متناغما يعلو عندهم الشأن الوطني على الحزبي رغم اختلاف ألوانهم السياسية وكان بإمكانهم تغيير المسار الخطأ لو كتب لهم البقاء مجتمعين لكنهم غابوا سريعا أو غيبوا..
 وبحسب السادة فالخمسة هم عبد القادر سعيد وعبده محمد المخلافي وعبد السلام مقبل وعبد الحافظ نعمان إن لم تخني الذاكرة بالأخير والخامس نسيته للأسف وعازم على استنطاق الأستاذ السادة عافاه الله ليذكرني باسم الخامس إن كتب لنا لقاء .
لقد غاب هؤلاء عند الفجر وقبل أن تبدأ عجلة الضحى بالدوران فكسفت شمس الوطن ضحا وحضر متطرفوا كل الأطراف وشاحنو الكراهية وحاملو الخواء الفكري لندفع الثمن ضياعا لحياة أجيال ودولة كان المفترض أن تكون اليوم غير ما نحن فيه من سواد .
لقد أبهرتني روح عبد القادر سعيد وأنا أكتب عنه وعن تجربته منذ أكثر من عشر سنوات ولا تمر ذكرى وفاته السنوية إلا وعمودي شوارد الجمهورية على صفحتها الأخيرة يتزين بسرد مشع عن هذه القامة حتى ظن البعض من فرط الجهل والتعصب الحزبي بأني إشتراكي مع أنني كتبت عن عمرطرموم وبا ذيب وعبدالسلام مقبل وعيسى محمد سيف والمخلافي فقد وحدت في سيرتهم روحا وطنيا بحجم الوطن وبسعة أحلام الناس دون أن يعني اختلاف ألوانهم شيئا سوى لوحة جميلة متعددة الفوائد وذلك بتفردهم في سعة الأفق وتجاوزهم للعصبية الحزبية وتعاملهم مع الأحزاب كمنصات وطنية كلها طرق تؤدي إلى هدف واحد .
مالم يدركه الكثير أن هناك قادة في ستينات القرن الماضي وفي قمة العمى الحزبي حاولوا تأسيس مدماك العمل المشترك غاب هؤلاء وبذرتهم لم تمت، وواجبنا إكمال مسيرتهم لا ردمها بحمق وغباء .
غاب عبد القادر والمخلافي ورفاقهما من جماعة النور وبعد زمن طويل من البعد عن الصواب تأسس العمل المشترك الذي كانا ينادي به عبد القادر ورفاقه كحاجة وطنية ملحة وفي باكورة هذا الفعل وفي عمقه دفعنا الثمن دماء زاهية مثل دم القائد الوطني جار الله عمر ومحنة القائد (محمد قحطان) ولا نريد أن تحرق التجارب الغالية الممهورة بدماء وحياة عمالقة اليمن وتذبح بسكين جهلنا ونزقنا المسحوب من زمن الستينات والجهل والعصبية المدمرة .
وإذا عجزنا عن رفع البناء فعلى الأقل نحافظ عليه كإرث وطني غال وحاجة مستقبلية للأجيال، واجبنا أن نخرج من عاصفة الريح الحمراء ودوامة التعصبات لمشاريع صغيرة .
المشاريع الحزبية- إن لم تصب في واحة واحدة هي واحة الوطن- تتحول إلى عواصف دمار وأدوات خراب من الأفضل إلغاؤها وحلها ..
والتجربة البشرية تقول لنا إن الحزبية هي الرافعة الضرورية للدولة المدنية وللحكم الديمقراطي الرشيد ولا شي أسوأ من غياب الحزبية التعددية الراشدة سوى وجودها على شكل أحزاب عربية عمياء وجاهلة تتمنطق بالوعي الزائف تثير الدخان الأسود في وجه الوطن وتحمل العصبية العربية ولسان حالها ترفع شعار :
ونحن أناس لا توسط بيننا 
لنا الصدر دون العالمين أو القبر 
فلم يكن سوى القبر للجميع كنتيجة طبيعية لمسار الحفر والتخندقات الرعناء.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد