كم يبكيني ذلك الطفل التعزي في رده الطفولي على أحد مذيعي القنوات الفضائية حينما سأله ما هي أمنيتك (ماذا تتمنى)؟
فقال الطفل :
اأريد استعادة قدمي التي فقدتها لكي أتمكن من اللعب بها مجدداً.
يا الله ما أقسى ذلك الرد الطفولي لطفل لم يتجاوز 9 أعوام فقد إحدى قدميه بسبب لغم أرضي زرعته مليشيات الانقلابيين ليكون حصاد ذلك اللغم عدداً من المواطنين الأبرياء أحدهم ذلك الطفل ذو الـ9 أعوام.
في مناسبة عيدية كهذه المناسبة ينتظر أطفال تعز صباح العيد بفارغ الصبر كي يمارسون حقوقهم الطفولية كاملة دون أي انتقاص مثلهم مثل كل أطفال العالم، بما فيهم أطفال تلك الدول التي تعيش بلدانهم حروباً قاسية ووضعا مأساويا أليما، ولكن لا تصل مأساة أطفال تلك الدول نصف المأساة الحياتية التي يعيشها أطفال تعز بسبب حرب طاحنة قاسية حقيرة لا ناقة لهم فيها ولا جمل ولا ذنب لهم سوى أنهم أطفال ولدوا في مدينة يمنية ترفض الانكسار تُدعى تعز.
اغتالت هذه الحرب كل الأحلام الوردية لأطفال تعز فجاءت أمنيات وأحلام أطفال تعز مغايرة لكل أحلام وأمنيات أطفال العالم أجمع، حيث انحصرت آمال وأمنيات أطفال هذه المدينة باستعادة أقدامهم التي بترتها ألغام مجرمي الحرب وبين استعادة أيديهم التي أخذتها قذائف مليشيات القتل وبين استعادة أعينهم التي صادرتها رصاصات القناصين وشظايا الهاوزر الانقلابية الحقيرة.
بل إن إحدى أمنيات أطفال تعز العيدية أن يتم إعادة إخوانهم وأخواتهم ليلعبوا معهم سوياً صبيحة هذا العيد التي خطفت الحرب أرواحهم وذهبت بها بعيداً إلى مقابر هذه المدينة نحو أعماق الأرض لتحرم أولئك الأطفال من الالتقاء مرة أخرى بإخوانهم وأخواتهم .
هل هناك أقسى من أمنية طفل يتمنّى أن ينهض فقط من فراشه ليمتطي كرسياً متحركاً يساعده للخروج إلى الشارع ليعانق بسمة العيد وصباح العيد وإشراقة العيد التي غادرتهم منذ ثلاثة أعوام، حضر فيها الموت فقط وغابت فيها الحياة بسبب شرذمة ملعونة مجنونة تهتف الموت لأميركا الموت لإسرائيل !!!
أطفال في تعز بترت الحرب أقدامهم وأيديهم وأفقدتهم أعينهم الصغيرة البريئة وقطعت أجسادهم وأزهقت أرواحهم وقتلت آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم وبقى من أطفال تعز ممن لم تطالهم أو تطال أبويهم قذائف الحرب ينتظرون بفارغ الصبر الإفراج عن رواتب آبائهم المقطوعة منذ 11 شهراً علهم يحضون بشراء بدلة جديدة أو لعبة مهترئة لا تستطيع الصمود أو البقاء في أحضانهم حتى يوما واحدا بسبب ردائتها المصنعية .
صبراً يا أطفال تعز الأحياء حتى الآن الباقون بفضل الله على الأرض بكامل أجسادكم..
أخرجوا يا أطفال تعز صبيحة هذا العيد لتعانقوا صوت العيد وتتحسسوا صباحه الجميل وتتمرغوا بترابه الناعم ولتركضوا بكل قوتكم في شوارع أحيائكم المحشوة بالحصار تلاحقون بعضكم البعض في لعبة الجري نحو المجهول وحذاري أن تفقدوا متعة العيد، فتذكروا بأن هناك أطفالا لم يحالفهم الحظ للركض في الشوارع مثلكم أو حتى الوقوق على عتبات أبواب منازلهم ليسلموا على العيد ويعانقوا اشراقته الصباحية.
صبراً جميلاً يا أطفال تعز، ستنقشع الغمة وستنتهي الحرب بإذن الله وستصرف رواتب آبائكم وستلبسون ذات صباح بدلاتكم العيدية وستعانقون الفرح والمرح فلا يمكن للحرب أن تنتصر عليكم لأنكم أقوى من الحرب وأقوى من قذائف المليشيات وأغنى من توجيهات الحكومة الورقية بصرف رواتب آبائكم الذين يتمنون أن يلبسوكم بدل البدلة ألف بدلة وبدل اللعبة ألف لعبة ويهدوكم حياتهم لتنعموا فقط بلحظة عيدية تملأ فيها ضحكاتكم كل هذا الكون الملبد بالبارود وبالغمام والأدخنة.
ستنتصر ذات يوم قريب بإذن الله حياتكم على الموت المُصدر لكم من أطراف المدينة
فالعيد أنتم ولا عيد ولا حياة بدون ضحكاتكم.
أطفال تعز يدفعون فاتورة حياتهم مرتين
مرة بسبب قذائف وصواريخ ورصاص المليشيات الانقلابية
ومرة بسبب حرمانهم من صرف رواتب أبائهم من قبل الحكومة الشرعية.
ختاماً هل يا ترى يعلم العالم بأن مدينة تدعى تعز لا يوجد فيها حديقة أطفال واحدة تستوعب ركضهم
بينما يتم كل يوم استحداث مقبرة جديدة تستوعب أجساد أطفال تعز الأبرياء الذين يعانقهم الموت إما قتلاً أو مرضاً أو جوعاً !!!
تعز مدينة غابت عنها حدائق الألعاب الطفولية وحضرت فيها المقابر الجماعية .
ورغم ذلك سنقول لأطفالنا عيد سعيد وكل عام وأنتم بألف ألف خير.