ربما هو مكر التاريخ الذي وضع اليمنيين من جديد أمام مأساة الإمامية؛ التي ظنوا أن بلادهم قد تعافت منها منذ أمد بعيد.
في 21 سبتمبر 2014م أطلت الإمامية بنسختها الأحدث والأكثر قُبحاً ودمويّة وشوفينية عنصرية.
أفرطت المليشيا الحوثية بشراهة في تدمير وتخريب وتمزيق البلد. ولأن المليشيا هي النقيض المباشر لفكرة الدولة فقد بدأت مسيرتها الإجرامية بالانتقام من كل رمزية تمتّ للدولة بِصلة، كون حضور الدولة يعني تهديداً لحكم العصابة المليشاوي.
احتلّوا المعسكرات ونهبوا الأسلحة من أجل استخدامها في حربهم ضد اليمنيين واحتلال المحافظات ومحاولة فرض حكمهم العنصري بقوة السلاح.. أوغل الحوثي في الهدم وأسرف في القتل والاختطافات والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة والقضاء على كل قيمة أو معنىً جميل.
وعلى مدى أكثر من عامين يسوم الحوثيون المواطنين في المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم سوء العذاب، حيث أحالوا الحياة في تلك المحافظات إلى جحيمٍ لا يُطاق، تمارس المليشيا في هذه المناطق انتهاكات واسعة، تنوعت بين القتل والاختطاف والتعذيب والابتزاز وفرض الجبايات المالية ومصادرة الحرِّيات، ونهب الأراضي واستباحة أراضي الأوقاف وممتلكات الدولة وفرض التجنيد الإجباري واحتلال الجمعيات الخيرية وخنق أي عمل خيري كان يساند الدولة في التخفيف من معاناة المرضى واليتامى والفقراء والمعوزين. بل وصل الأمر بالمليشيا إلى الاستحواذ على المعونات الإغاثية المقدمة من فاعلي الخير والمنظمات وبيعها في السوق دون خوف ولا خجل ولا تأنيب ضمير.
فشل الانقلاب خلال هذه المدة في كل جوانب الحياة، وأوصل البلد إلى الإفلاس ونهب الاحتياطي لتسخيره في حروبه ضد اليمن أرضا وإنسانا، ما ضاعف من معاناة الناس، حيث يعاني الموظفون الأمرّين بعد انقطاع مرتباتهم منذ ما يقارب العام، وازدياد أعداد الفقراء ومَن سقطوا إلى ما تحت خطّ الفقر.
وفي الفترة الأخيرة عجز الانقلابيون عن توفير الحدّ الأدنى من الأمن والاستقرار، حيث كثرت جرائم الانتحار وحالات قتل الأقارب والعثور على جثث مجهولة لا أحد يعلم الجناة الذين يقفون وراءها، والحروب القبلية على حفر آبار الماء (حيث تذكي المليشيا كثيرا من هذه الحالات) وحالة الانفلات الأمني، والسطو على البيوت وخصوصا منازل المغتربين .... الخ.
صار المواطن في المدينة يعاني أضعاف ما يعانيه المواطن بالريف بسبب البطالة وانعدام فرص العمل وانقطاع المرتبات، وتعيش أغلب الأُسَر في تلك المناطق حالة فقر مدقع بعد عجزها عن توفير قوت يومها، لدرجة أن بعضها تكتفي بوجبة واحدة في اليوم بل ليس من المبالغة القول إن أسراً عديدة تضطر للصوم بعد تردِّي ظروفها المعيشية في عهد المليشيا بشكل يفوق الوصف والاحتمال.
وهذا هو ما يفسِّر السخط الشعبي الذي يتنامى يوما عن يوم في المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم، حيث بدأ الناس – الذين لم يعد لديهم ما يخسرونه – بالتعبير عبر التظاهرات عن رفضهم واستيائهم من حكم المليشيا، إضافة إلى لجوء كثير من الشباب إلى الالتحاق بالجيش الوطني والانضمام إلى الشرعية، لمقاومة مشروعهم الإقصائي الإفقاري التدميري. أما بقية السكان في هذه المحافظات فيتلقَّون أخبار انتصارات الجيش الوطني في مختلف الجبهات بفرحة كبيرة ويستبشرون بكل انتكاسة تتلقاها المليشيا.
كل يوم يمضي يسهم في تآكل سمعة المليشيا وفي انكشافها أمام الجميع بمن فيهم أنصارها وحلفائها الذين اخذوا ينفَضُّون عنها، إضافة إلى خساراتها في شتى الأصعدة وخصوصا العسكري الذين راهنوا عليه قبل الانقلاب في إخضاع اليمنيين لمشروعهم الانقلابي السلالي العنصري.
أملنا كبير بأن اليمن سينهض فتيّاً من تحت الأنقاض ومن بين الرماد ليواصل التطهّر من لوثة الانقلابيين. ستعود السعادة لأرض العرب السعيدة، وستنجلي هذه الظلمة ليعقبها فجر ساطع ينير الآفاق.
عاشَ اليمن حراً ابيّاً شامخاً.. الذُلّ و العار لكل انقلابي خان الوطن وحاول بيعه للشيطان.