دعا مجلس الأمن لعقد جلسة استثنائية اليوم الجمعة بخصوص الأوضاع الإنسانية في اليمن، تحدث فيها وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية ستيفن أوبراين، ومبعوث الأمم إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية عبدالملك المخلافي.
تحدثوا كثيراً عن وضع اليمن، وأنه سيء، بل ومن سيء إلى أسوأ، وكان لتعز من حديث المخلافي جانباً أكبر، كما عرَّجّ المتحدثون عن الوضع السياسي، وضرورة إيجاد حلول عاجلة، إذ أن الحرب التي مزقت اليمنيين وطحنتهم منذ عامين ونصف لم يعد بمقدور هذا الشعب احتمالها أكثر من ذلك.
ينتظر اليمنيون ساعات طويلة كل يوم أمام شاشات التلفزة، مترقبين أي بوادر لإنهاء الحرب أو حتى جهود فعلية لمساعدة المتضررين بالشكل المطلوب، كما هو حالهم كذلك مع جلسة اليوم في الأمم المتحدة.
لم يعد التعويل كثيراً على مثل هذه الجلسات إن كانت حديثاً عابراً تبثه الفضائيات ولم يعقبها أي خطوات عملية على أرض الواقع، قبل أشهر حاول ستيفن أوبراين دخول مدينة تعز للاطلاع على حجم المأساة هناك، لكن تم منعه من الدخول في المنفذ الشمالي الغربي للمدينة من قبل المسلحين الحوثيين وأنصار الرئيس السابق، واضطر للعودة إلى مدينة إب.
هل تحسنت مدينة تعز منذ ذلك الحين وعقب تلك الزيارة، وهل سيتحسن حالها بعد جلسة اليوم في الأمم المتحدة.!؟
حين دعا مجلس الأمن اليوم -وهو يدعو في كل مناسبة من قبل- إلى ضرورة تسهيل الوصول الآمن للمساعدات الإنسانية عبر جميع منافذ اليمن، نحن نطالبه في كل مرة أيضاً بضرورة إشرافه المباشر على وصول هذه المساعدات للمناطق المتضررة، بدل الحديث المتواصل عن هذا الأمر.
ليس معقولاً أن تُقدم مساعدات للفراغ، أو مع علمك مسبقاً أن مصير تلك المساعدات سيكون مجهولاً أو ستتعرض للنهب، في منافذ مدينة تعز خلال العامين 2015 و 2016 مئات الشاحنات المحملة بمساعدات إنسانية غذائية وطبية وإيوائية قدمتها منظمات الأمم المتحدة تعرضت للمنع من دخول المدينة المحاصرة، وبالتالي تعرضت للنهب.
العديد من منظمات المجتمع المدني والسلطات المحلية في المدينة المحاصرة وكذا الحكومة الشرعية أبلغت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المانحة بوجوب استخدام الطريق الجنوبي الغربي للمدينة والذي أصبح آمنا للمرور، بعد الكسر الجزئي للحصار في أغسطس من العام الماضي، لكنها لم تلق تجاوباً بالشكل المطلوب.
ليس المقصود من حديثي هو تسليط دائرة اللوم بأكملها على جهود منظمات الأمم المتحدة، إذ أننا نعاني أيضاً من كارثة كبيرة تتمثل في توقف صرف مرتبات القطاع الحكومي المدني منذ أكثر من 10 أشهر، وكنشطاء في المجال الإنساني ناشدنا الجهات المختصة في البلد بسرعة صرف هذه المرتبات التي تمثل شريان حياة وحيد لآلاف الأسر، وشريان حياة لأكثر من 67 ألف أسرة في محافظة تعز بمفردها.
منذ بدء الحرب على محافظة تعز في إبريل 2015 وحتى يوليو 2017، سقط بسببها 4164 قتيل، و17911 جريح، 4343 منزل ومنشأة عامة وخاصة للتضرر والتدمير الجزئي والكلي، بالإضافة إلى تعرض 179.641 أسرة للنزوح والتهجير القسري بعد أن وصلت الحرب إليهم، وحصدت أرواح عدد من أهاليهم، بحسب إحصائيات صادرة عن ائتلاف الإغاثة الإنسانية.
والأهم من كل تلك الإحصائيات، من يستطيع تعويض هذه الأسر عن الضرر الذي لحق بها جراء هذه الحرب الظالمة، في حين أن أعداد الضحايا في ازدياد متواصل بالتزامن مع استمرار الحرب.