منذ عقدين من الزمن والتعليم في اليمن يتدهور، ثم يتدهور، وينحدر، ثم ينحدر، ويسوء، ثم يسوء، ثم إلى الأسوأ هكذا ينهار في محافظات اليمن الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية على السواء حتى كان الإنقلاب الحوث عفاشي على الدولة الشرعية في سبتمبر2014 فدخل التعليم في موت سريري وفقد الوعي، فصار لا حي ولا ميت، فهو ما بعد الإنقلاب وإسقاط الدول في أحط مراحله وأسوأ حالاته؟! ولم أدر كيف يتقدم غالبية طلبة وطالبات للامتحانات الأساسية أو الثانوية العامة أو ما يعادلهما وهم لم يحضروا مدرسة؟- لم يدرسوا في مدرسة؟! لم يذاكروا دروسهم ومقرراتهم ولم يكتبوا في كراساتهم؟!
🏮ويتقدمون للامتحان بكل شجاعة، وبكل إقدام، بل إن بعضهم لم يفتحوا كتبهم التي استلموها من مدارسهم، فهي جديدة بقراطيسها جديدة لانج كما يقولون! والأغرب أن البعض منهم لم يستلموا كتبهم نهائياً، وإنما هكذا يدخلون إلى قاعات الامتحانات متوكلين..؟! ثم ينجحون؟!.. ولا ترى الطالب يتحرك علمياً أو تعلم عنه أنه يدرس، أو مسجل في مدرسة إلا في أيام البحث عن أرقام الجلوس، هذا في الفصل الثاني، وأما في الفصل الأول لا تعلم به إلا عند طلب الصور والتصوير؟! فتأخذ ثقافة رقم الجلوس والترتيب للغش عند الطالب أكثر وأكبر من المساحة العملية والتعليمة خلال السنة الدراسية برمتها.. ثم تجدهم ينجحون ويحتفلون؟!
🔴 رأيت وتيقنت أن الغش في بلدنا على طول مساحة الجمهورية اليمنية قد تطور ثم تطور بآلاته وآلياته وأشخاصه وأجيابه وتكنولوجياته الحديثة، حتى أن الغش قد ملّ الغشاشين، وهناك غلب الغش الدّرس؟! وصارت أصناف الغش أكثر من سبعين شُعبة أدناها تفتح الكتاب في الامتحان وأعلاها تستلم شهادة بلا امتحان بلا دراسة مع خدمات التوصيل؟! وما بينهما تفاصيل يصعب سردها، ولأن الشياطين يسكنون في التفاصيل فتركناها تجنبا لأضرار قاعدة(من طلب الجن ركضوه!)؟!.
🔴 ومما أعلمه من حكايات الغش والغشاشين في قديم الزمان إجمالا كانوا يغشون خلسة وخفية وبعز وأنفة وكبرياء ويحسون بالخزي والعار والعيب الأسود بل بكل ألوان العيب! أن الطالب كان يقرأ، ثم يقرأ، حتى تتقرح آذانه، وتتطمّش عيونه، ويصيبه الدوار والدوخة من الإعياء والإرهاق وقلة لنوم، وإذا أوحى إليه الشيطان أو سوّلت له نفسه أن يغش فليكن في جزئية دقيقة جدا جدا ومحصورة في نطاق ضيق على صيغة تمائم وعزائم كأمثال أعمال السحر والسحرة؟! ويستعين على قضاء حاجته بالكتمان! بحيث لو لم يتيسر له الغش في القاعة استطاع أن يجيب من ذاكرته الاحتياطية، لأنه في الأصل قد حضر المدرسة، ودرس وحل الواجبات المدرسية، ولم يتغيب أو يتلاعب، ثم أعطى الاختبار حقه ومستحقه من الجهد والاجتهاد، ويأتي غشه في النادر، وعلى استحياء، وعند الاضطرار وغير باغ ولا عاد، كأكل الميتة للمضطر بما يسد به الرمق؟!.
🔴 لكن تعال اليوم، الغش هو الأصل والدراسة هي الاستثناء، وبلا خجل أو حياء، وعلى مرأى ومسمع من الجميع، مثل ارتكاب الفاحشة على قارعة الطريق؟! صحيح إن الغش الذى طمر العملية التعليمية في اليمن هو السبب الرئيس في هذا الاتكال أو التوكل وبالأصح التواكل السلبي عند الطالب والمطلوب لكنه قد وصل اليوم إلى منحنيات مخيفة وخطيرة، وربما أن الغش قد صار اليون مما عمت به البلوى وأصبح مباح با ضرورة، مثل الدم في اللحم والعروق الحلال أكله والتمريق به لصعوبة التخلص منه، فكأن قادة التعليم قد أدخلوه في الإباحة تحت قاعدة مما عمت به البلوى؟!
🔴 شخصياً لا أستجيز الغش ولا أستريح للغشاشين ولا أبيحه، ولكن كما يقال حتى الجُنان له عقل، ولقد وجدنا أحياناً أن المجانين يُعَقل بعضهم بعضاً، ويؤدب بعضهم بعضاً، وينصح بعضهم بعضاً عند تجاوز حدود المِجْنانة، فيا أيها الغشاشون والمغششون وخصوصا الطلبة، فإن الغش يحتاج إلى قراءة ومدارسة ومذاكرة؟! فكما أن التعليم والدراسة تحتاج إلى مذاكرة ومدارسة حتى يلتصق الكتاب وموضوعاته ومسائله في ذهنية الطالب، فإن الغش والتغشيش يا قوم يحتاج إلى قراءة الكتب الدراسية ومذاكرتها ومدارستها وتفتيشها وتقلبيها قبل القيام بأي عملية مشينة وسلبية في الامتحان.. نعم والله الغش والتغشيش يحتاج إلى مذاكرة وقراءة وجاهزية علمية وإطلاع وترتيب مسائل وأوراق؟! يحتاج إلى ثقافة ومعرفة كبيرة، معرفة ما اسم المادة؟ أين الموضوع؟ ما المقرر؟ جزء الكتاب؟ ما هو المحذوف؟ أين الجواب؟ أين الحل؟ أين المسألة؟! ثم يحتاج ستر واستتار لأنه عورة مغلظة؟! لكن هكذا غش وتغشيش عيني عينك مباشر مع خدمات التوصيل، فلماذا وجدا العلم والتعليم؟ ولماذا فتحت المدارس والمعاهد؟ ولماذا تعيين وتوظيف المعلم والمدرس؟ ولماذا فتح المعاهد العالية والجامعات؟ ، ولماذا التأهيل؟ ولماذا تأليف الكتاب المدرسي والآلات والمطابع؟ ولماذا وزارة التربية والتعليم؟ ووزارة المهن والتعليم الفني؟ ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي؟!.