;
موسى المقطري
موسى المقطري

تعز بين "حانة" و "مانة" 1108

2017-07-02 20:54:45

مما روته كتب الأمثال العربية أن رجلاً تزوج بامرأتين، إحداهما اسمها "حانة" والثانية اسمها "مانة"، وكانت "حانة" صغيرة في السن عمرها لا يتجاوز العشرين بخـلاف "مانة" التي كان يزيد عمرها على الخمسين والشيب قد لعب برأسها...!!
كان الرجل كلما دخل إلى حجرة "حانة " تنظر إلى لحيته وتنزع منها كل شعرة بيضاء، وتقول:
" يصعب علّي عندما أرى الشعر الشائب يلعب بهذه اللحية الجميلة، وأنت مازلت شاباً "...!!
فيذهب الرجل إلى حجرة "مانة " فتمسك لحيته هي الأخرى وتنزع منها الشعر الأسود وهي تقول له:
" يكدرني أن أرى شعراً أسود بلحيتك وأنت رجل كبير السن جليل القدر "...!!
ودام حال الرجل على هذا المنوال إلى أن نظر في المرآة يوماً فـرأى وجهه قد أصبح بلا لحية، فقال عبارة شهيرة من وقتها صارت مثلاً:
" بين حانة ومانة ضاعت لحانا "
**
تعز تخلت عن الانقلاب ومشروعه منذ لحظات ولادته المشئومة، وأعلنت بكل ما أوتيت من قوة أنها لن تعترف بهذا المشروع وما يترتب عليه، وكان ولا يزال موقفاً صائباً يليق بالتعزيين الضاربين في صفحات النضال المشرقة منذ القدم .
في سبيل هذا الموقف ولأجل محاولة إركاعها وثنيها حشد الانقلابيون العدة والعتاد ليهاجموا تعز المسالمة، عاصمة العلم والثقافة، فوقف القلم مقاوماً شامخاً، وتخلى الدفتر عن سلميته مدافعاً عن أرضه ومدينته، وتلقت تعز ولازالت جولات متكررة من القصف الهمجي، والحصار الظالم، وارتقى الشهداء ولازالوا يرتقون، واكتظت المستشفيات ولازالت بالجرحى، وامتلأت سجون الانقلاب بالمعتقلين الأحرار من أبنائها.
خلال كل الخطوات التي تخطوها الشرعية كانت ولازالت تعز أول المرحبين، وخير المعينين، لا لسبب إلا تعلقا بالشرعية التي يجدها التعزيون الملاذ الوحيد من الاكتواء بنار الانقلاب غير الشرعي وما تمخض عنه.
لكن ما حصل ويحصل أن تعز تدفع في سبيل موقفها ثمناً باهظاً أكثر بكثير مما يمكن ان تتحمله المدينة الصابرة، وتعاني كثيراً من الضربات المتتالية التي تأتيها جهتان اثنتان :
 أما الجهة الأولى فهي الانقلاب الحوثي العفاشي الذي أعلن حربه ضدها، ويقصفها يومياً بالمدافع والدبابات، ويحاصر أهلها، ويقتلهم قنصاً وقصفاً، ويحاول جاهداً وصف مقاوميها بالإرهاب رهبة من صمودهم الأسطوري .
• الجهة أخرى التي تتجرع منها تعز المرارة هي شرعيتنا الموقرة !
نعم .. الشرعية التي تستظل بظلها وتدافع عنها ولها تنتمي بفخر .
عانت تعز ولازالت تعاني كثيرا من ممارسات الشرعية إما بقصد او بدون قصد، وكمثال فقط سأعرج على قضيتين جوهريتين مرتبطتين بالشرعية .
• لغز الرواتب :
ظل رئيس الحكومة يكرر أكثر من مرة أن الحكومة صرفت الرواتب للمناطق المحررة!، لكن الواقع في تعز يقول غير ذلك إطلاقا، والجهود الذي بذلها المحافظ في كل الاتجاهات تصل دوماً لطريق مسدود، وللإنصاف فما تم صرفه من رواتب اقتصر على شهر يتيم لجزء يسير من موظفي التربية والتعليم، وشريحة محدودة من موظفي النيابات والمحاكم فيما ينتظر بقية موظفي المحافظة وعود السراب التي يتحدث عنها إعلام الشرعية، ويعانون إلى جانب القصف والحصار الفقر وانعدام ذات اليد .
ثمانية أشهر وتعز تعاني من حرمان موظفيها الحكوميين من رواتبهم رغم أنها قدمت ولازالت تقدم الأدلة الواضحة والصريحة على إيمانها بالشرعية وكفرها بالانقلاب، وفي سبيل هذا الموقف يمطرها الانقلابيون بقذائف الموت ويحاصرون مواطنيها، وليس ذلك عليهم بغريب .
الغريب والأغرب والأكثر غرابة هو تخاذل مسؤولي الشرعية عن صرف مرتبات الموظفين، وعدم تقديم مبرر مقنع لهذا التخاذل والعجز، وسد الأبواب أمام كل محاولة لتجاوز المعضلة وإصلاح الخلل .
ولا تقتصر هذه المعاناة على الموظفين المدنيين، فالعسكريون المنضوون ضمن التشكيلات العسكرية التي تتبع الشرعية تعرقلت رواتبهم منذ أشهر لأسباب مجهولة، ومبررات غير مقنعة .
•بسط هيبة الدولة :
تعز منذ القدم لا تعيش إلا في ظل دولة، وحين خيروها بين دولة الانقلاب ودولة الشرعية اختارت الشرعية راضية مختارة، وصدر هذا الموقف منذ أيام الانقلاب الأولى، وتالياً أعادت الشرعية ترتيب أوراقها من جديد، وتواجدت كدولة في المحافظات المحررة، لكنها لم تتواجد في تعز !.
تم تعيين محافظ ولم يتم دعمه بشيء من متطلبات تواجد الدولة، كما تم تعيين مدراء لأغلب المكاتب التنفيذية للوزارات لكن الوزارات التابعة للحكومة الشرعية في قطيعة تامة عن مكاتبها في المحافظة .
على أرض الواقع ينشط في المحافظة ثلاثة وكلاء للمحافظ يذهب كل واحد منهم في اتجاه، في ظل غياب تام للدور الحكومي في التوجيه والرقابة والمحاسبة، وفي ظل هذا الغياب تضيع مصالح الموطنين، وتختفي إيرادات المحافظة، وتتراكم القمامة، وتشكو كل المرافق الخدمية من العجز الكلي أو شبه الكلي في أفضل الحالات، وخاصة في قطاعي التعليم والصحة .
هذا كله سينتهي حين تقرر الشرعية التواجد كدولة في المحافظة، تدعم وتحاسب وتراقب، وماعدا ذلك فإن التعيينات التي تصدر تزيد الأمر سوءًا، وتفاقم المشكلة ولا تحلها .
بين ممارسات الانقلاب الإجرامية، وإهمال الحكومة الشرعية تقف تعز مكلومة صابرة، ويعرف التعزيون لماذا يفعل بهم الانقلاب ما يفعل، لكنهم يعجزون عن فهم سبب إهمالهم من قبل الشرعية !، ويصابون بالإحباط حين يعجزون عن إيجاد المبرر المقنع لذلك .
ينتظر التعزيون فرجاً ومخرجا، ويحدوهم الأمل أن تستمع شرعيتنا لصوتهم المبحوح، ولن يفكروا يوماً أنهم اخطأوا بنبذ الانقلاب وأدواته، وكل ما ترتب عنه، فهذه قضية مصيرية مرتبطة بالمبادئ والقيم الذي يؤمنون بها، ويسعون لتأصيلها في السلوك الإنساني عامة .
دمتم سالمين…

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد