ابن قريتي بعمران.. شاب كبقية الشباب الذين درسوا وأكملوا تعليمهم الجامعي وحلموا أن يكون لهم وطن يحفظ لهم كرامتهم..ويوفر لهم لقمة عيشهم.. قبل يوم توفيت أخته بجلطة دماغية لم يستطيعوا إسعافها لعدم وجود مستشفيات في المنطقة تستقبل هذه الحالات ولصعوبة التنقل، خصوصا لعدم توفر البترول وظروف الناس المادية أصبحت صعبة.
أخبروا محمد بوفاة أخته فقرر أن يعود لمنزله مع علمه أنه من الممكن أن يعتقله الحوثيون بتهمتهم المستهلكة لكل من يختلف معهم "داعشي" ولأنه رفض التوقيع على ما أسموها وثيقة الشرف القبلي. ولكنه فكر أنه مازال في الناس أعراف وأسلاف فلا يمكن أن يتعدوا على شخص في عزاء أهل بيته.. وفكر أنه مازال بين الناس عهود ومواثيق فمنطقته وقعت اتفاق بتجنيب المنطقة أي اقتتال ومن يريد الحرب فهناك جبهات للقتال.
عاد وهو يعتقد أن مازالت في الناس بقية رجولة وأخلاق.. أخرج أخته مع أهله وسكان قريته إلى مكان الدفن يعلوهم الحزن لعدم قدرتهم إنقاذ شقيقتهم.. حتى تفاجأوا بمباغته أطقم مسلحين من حوثيي المنطقة اقتحمت العزاء وتوجهوا نحو محمد وأفرغوا في جسده عشر طلقات وأردوه قتيلاً بجوار قبر أخته وأصابوا آخرين من أسرته.. توفي محمد قبل أن يكمل دفن أخته ولم تعرف أسرته على من تحزن هل على موت ابنتهم أو ابنهم محمد أو ابنهم الآخر المعتقل بسجون الحوثي أو على الاثنين الجرحى الآخرين.
والله إن أكبر جريمة ارتكبها الحوثي ليس الحرب وإنما تدميرهم للأخلاق ودوسهم لقيم الناس وأعرافهم وشرخ النسيج الاجتماعي وهذا الذي لن تتعافى منه اليمن إلا بعد تكلفة كبيرة.
رحمك الله أخي محمد.. لم تمت وحدك ولكن ماتت رجولة قاتليك قبل موتك.