الصدمة ليس فيما حدث ويحدث في عدن، هي نتائج طبيعية لتشكيل غير طبيعي لكيانات أمنية أقرب للمليشيات من مؤسسة حكومية، شكلتها أسس مناطقية وعقائدية ومشاريع صغيرة أنانية تتطفل المشروع الجامع، الصدمة في فقدان منظومة الموازين والأخلاقيات والقيم والمبادئ، التي أوجدت هذا العبث والعفن، صدمة النفوس العليلة والأفكار المتعفنة والعصبية المقيتة، تركوا القضية والوطن وذهبوا بعيداً في صراع المصالح وغنائم الحرب وجشع السلطة والجاه والنفوذ وطمع الثروة والمال المدنس المنهوب والمسكوب لتستمر الفوضى في خدمة مشروع أكبر من الجميع، هو بقاؤنا في بيت الطاعة وتحت سندان العقاب، حتى لا تقوم لنا قائمة، وجميعنا في وهن حتى من يعتقد أنه في وضع أفضل مؤقتاً .
معادلة اليوم مخلة وغير سوية حينما جعل الإنسان نفسه المرجعية الوحيدة المقبولة، وأسقط موازين وفكرة الحق، يسعى ويجتهد لتغيير موازين القوى لصالحه، فأوجد الظروف الموضوعية والذاتية للرداءة، عندما أسقطنا كل موازين الحق و أهمية للالتزام بالقيم والمبادئ والأخلاقيات التي أسقطت عدالة قضيتنا، وحربنا، أخلاقيات الحرب ترفع من أدوات الخير والسلام، أخلاق يتجرد من المنفعة والمصلحة الذاتية ليضع العام في أولويات الاهتمامات، فقدنا ذلك وافتقدنا لأدوات الحق وأعمدة البناء المتينة، هشاشة البنيان بأدوات رديئة وسلوكيات وأخلاقيات مفقودة، واقع صنعناه بأيدينا ونعاني نتائجه .
نتحدث كثيراً عن التغيير والتحول المنشود، ونحن بعيدون عن ذلك ثقافة وفكر وسلوك، لازال الماضي هو برنامج عمل البعض، يبني عليه اختياراته ومواقفه وقناعاته، ليس كعبرة بل كنهج وبرنامج .
دارت بنا الأيام وانهارت عروش الظلم، ولا نستوعب العبر والدروس، وويل لمن أصاب العمى قلوبهم، لا تهتم بالاعتراف بالأخطاء والإخفاقات وتجتهد لإصلاحها، وتنقي كيانها من شوائب مرحلة الصراع والحرب ومقاومة عمت الصالح بالطالح لضرورة مرحلة .
الأولين اسقطوا عروش الحق، والآخرين أتوا ليتمموا إسقاط ما تبقى من حق، لا جيش وطني وجنوبي أنصف، ولا إنسان من أقصى الأرض إلى أقصاها كرم، هي نفس آلة الظلم تحصد الأرواح وهي نفس الآلام والأوجاع والأمراض تصيب.
صحيح أنها معاناة لم تعد تحتمل، لكنه ظلم يشتد، وقهر يزداد، ودروس تترسخ في الأذهان وفرز حقيقي للواقع والأفكار والرؤى والمشاريع والقناعات، إنها عتمة تزول ظلمتها لتتضح الرؤية ويعرف الناس حقائق الأمور وتتكشف الخيوط، اليوم يتشكل الوعي، ويقترب الفجر الذي يحمل بداية العهد الجديد، الكل اليوم شمالاً وجنوباً مستعد لمواجهة أفكارهم الظلم والظلام وسلوكيات الضلال، جمعتنا المعاناة الجوع والفقر والوباء الذي يقضي على وطن حاضر ومستقبل، الإنسان فيه مجرد ضحية منهك مسلوب الإرادة والحقوق مجرد أداة للاستخدام ضد مصالحه، في خدمة أبو فلان وأبو زعطان لابد من توعيه الشعب وترابط مواطنيه، اليوم تجمعنا مصالح مشترك ومعانات مشتركة، لنبني وطناً وجيشاً وطنياً وأمناً وطنياً، ليحفظ الإنسان كرامته وأمنه وشرفه وعزته، راتب ولقمة هنيئة وكرامة وعزة وشرف، ونحفظ دماء أبنائنا التي تستنزف والإنسان الذي يستهدف في حياته وكرامته وقوته باسم الوطنية والدين وحق تقرير المصير والمستقبل زوراً وبهتاناً والواقع يشهد..