📖 قال تعالى: [[من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفِّ إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يُبخسُون () أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون]]" هود: 15-16" .
◼ ولقد بلغ الإسلام غاية إتقانه، وبلغ القرآن غاية إحكامه وحكمته، وبلغ الرسول -صلى الله عليه وسلم- غاية تأكيداته وحرصه في صناعة الشخصية المسلمة الإيجابية المخلصة، الشخصية المؤمنة العاملة الداعية المجاهدة الفعالة التي تحسن نيتها، وتوجه عملها كله لله، وأناط بها تنمية الأرض والإنسان والعقيدة، في عالم العقيدة والأخلاق والسلوك في النظرية والتطبيق، الشخصية المسلمة المؤمنة التي ترتب حياتها وفق موجبات الشرع وضوابطه، بدءا من الإرادة والنيّة، ومروراً بتنفيذ العمل، وانتهاء بالإخلاص والتجريد وصولاً إلى لغاية الشرعية المنشودة.
📚 وخير من حقق في فقه السلوك وصلاح الأعمال ومتطلبات ذلك من المعاصرين الإمام القرضاوي وكتبه شاهدة بذلك، فقد أعجبني وصفه لأهمية النية والإخلاص، وإصلاح العمل وتجريده لله، حتى تستقيم الشخصية المؤمنة على النية الصحيحة، والإخلاص وتجريد العمل لله، وأجمل من ذلك ما كتبه حول النية والإخلاص، وهو ينقل لنا صورة مباشرة ويرسم واقع ملموس، ويطرق رؤية من الداخل للشخصية المسلمة غير العاملة بإسلامها أو مقصرة فيها، أو الشخصية غير المستقية، وغير المخلصة، الشخصية التي لا ترجو الله في كل صفيرة وكبيرة، ولا تبتغي مرضاته، ولا ترجوا الدار الآخرة، ولا تتقدم إليها بعمل صالح، وكيف أن هذه الشخصية مضطربة متلاعبة فهي تقلب وجهتها، وتغير طريق عملها، وأنها بهذا الصنيع تؤثر سلبا على ذاتها وبيئتها والأرض والإنسان والإسلام في آن واحد، ويتعدى ذلك إلى آخرتها!!
💥 وصف الإمام القرضاوي -حفظه الله هذه الشخصية وقد أحسن التوصيف وهو كثير، ومن ذلك ما ننقله هنا إذ قال: " وليس تشديد الإسلام في طلب الإخلاص، وتأكيده على تجريد النية لله، وتصحيح الاتجاه إليه وحده، ضرب من التزمت أو العبث، فإن الحياة نفسها لا تستقيم ولا ترتقي إلا بالمخلصين، وأكثر ما يصيب الأمم والجماعات من النكبات والكوارث القاصمة، إنما يجره عليها أناس لا يرجون الله والدار الآخرة.. أناس من عبيد الدنيا لا يبالون- في سبيل دنياهم- أن يدمروا دنيا الآخرين ودينهم معا، وأن يحولوا الأبنية إلى خرائب، والمنازل إلى مقابر، والحياة إلى موت. أو أناس من طلاب الزعامة وعبيد الشهرة والجاه، وعشاق المجد الشخصي، والبطولة بغير حق، إنهم في سبيل الحصول على المجد والسلطان، أو في سبيل الحفاظ على ما أدركوا منه، لا يبالون أن يخربوا دياراً لهم، ويدمروا أمة، بل أمماً بأسرها، لا لشيء إلا لتصفق لهم الأيدي، وتهتف لهم الحناجر، وتنطلق بإطرائهم الأقلام، وتسبح بحمدهم الجماهير المهينة المخدوعة) " الإخلاص، ص20-21 .
💥 المؤمن بالله بحاجة ماسة أن تستقيم أعماله كلها لله، في النية والإخلاص، والتجريد. [[ قالوا ربنا الله ثم استقاموا]]، (قل آمنت بالله ثم استقم)، حتى لا يبني الدار الدنيا على حساب بناء الدار الآخرة، يفني نفسه وشخصه وأعماله من أجل دار الفناء! والقضية لا تحتاج منا إلى جهد كبير، فما دمنا نعمل وسنعمل ولن نتوفف شئنا أم أبينا فليكن شعارنا الإيماني (إنما الأعمال بالنيات)، إنما هو الإخلاص، لله وحسن التوجه إليه والقصد في القول والعمل له لا شريك له، ثم الاستمرار والديمومة على ذلك، وإن الله لا يصلح عمل المفسدين.