;
مصطفى أحمد النعمان
مصطفى أحمد النعمان

إعادة الهيكلة 1171

2017-05-28 04:52:14

تواجه الأجهزة الحكومية في العديد من الأنظمة شرقا وغربا حتمية الانتباه إلى عملية النقد المؤسسي والإعلامي لأدائها خصوصا إن لم يحدث تغيير ممنهج في سياسات الدولة لمواجهة المتغيرات المتسارعة والتي تؤثر على تسيير المؤسسات الحكومية وترهلها وتقلل من قدرتها على المنافسة والصمود أمام التحديات المتجددة، كما تقوم بنفس المؤسسات الخاصة الكبرى بعمليات مشابهة لتتمكن من مواكبة الوظائف الجديدة للمجتمع واحتياجاته، وفي مجمل الأحوال يكون الهدف هو الحصول على ثقة المواطنين في حالة الدولة والمستهلك في حالة القطاع الخاص والتصدي لحالات فقدان المصداقية وانقطاع التواصل بين المؤسسات والمجتمع.
يزعم البعض أن المجتمعات التي تمر بحروب طاحنة يجب أن تخضع إلى أن (لا شيء يعلو فوق صوت المعركة) وتحت هذا الشعار يبتكر المنتفعون لافتة أخرى هي (عدم شق الصف) وباستخدام هذين الشعارين يتم قمع كل الأصوات الناقدة (لا أقول معارضة) وتوجيه الأبواق إليهم لإسكاتهم، ومع مرور الوقت قد تخفت الأصوات فيزداد العبث وينتشر الفساد فيترهل نسيج الدولة وتضعف قدرتها على المواجهة والتعامل الجاد والصارم مع الحاضر وتفقد رؤيتها للمستقبل، وهذا يحدث أيضا في جسد حركات التحرر التي يطول زمن معاركها وتبقى قياداتها على كافة المستويات ثابتة في مواقعها فتتشكل لهم مصالح مادية ضخمة تصبح مسيرة لقراراتهم وأفعالهم.
أثناء الحرب الأهلية في اليمن عام ١٩٦٢ ­ ١٩٧٠ وخصوصا في مراحلها الأولى تشكلت أكثر من حكومة وتبدل الكثير من الوزراء وكبار المسؤولين وكان هم الجميع هو خدمة الوطن بعيدا عن استغلال الظرف المرتبك وغياب المحاسبة، ولم يكن هناك صراع على المناصب والمغانم وكان الكل يعيش داخل الوطن رغم المصاعب الجمة ولم نسمع حينها بـأن أحدا من القيادات اشترى عقارا خارج الحدود ولا بمساٍع لاستغلال نفوذ لإبرام صفقات، وكان هم الكل هو نجاح الثورة واستقرارها.
في ٢ فبراير ١٩٦٤ أي بعد عامين وأربعة أشهر من إبعاد أسرة آل حميد الدين عن حكم اليمن وفي خضم الحرب الشرسة التي دارت بينهم وبين خصومهم الجمهوريين، وفي ظل تواجد عسكري مصري ضخم لم يتردد أكبر زعماء النظام الجمهوري الراحلون عبدالرحمن الإرياني ومحمد محمد الزبيري وأحمد محمد نعمان من توجيه انتقاداتهم العلنية للشرعية القائمة حينها ممثلة برئيس الجمهورية المشير عبدالله السلال رحمه الله وتقدموا باستقالاتهم وجاء في مقدمة مذكرتهم التي وجهوها إليه: «إن الوضع العام وحقيقته المرة الأليمة تكشف لنا أننا بعد تجربة عامين كاملين وأشهر ثلاثة لم نحقق للشعب آماله. لقد وجدوا (يقصدون المواطنين) أن التذمر الشعبي قد تعمق واتسع وأن التشكك في الثورة والجمهورية قد تطور واشتد حتى أصبح الشعب يعبر عن يأسه من الوضع لعجزه عن تحقيق الآمال الكبيرة التي أسرف المسؤولون في الوعود بها وعجزوا عن الوفاء بشيء منها بل عجزوا عن الإبقاء على الأمن والاستقرار اللذين كان يتمتع بهما».
اليوم وبعد مرور أكثر من عامين على الانقلاب الذي قام به الحوثيون، تنادي أصوات كثيرة بضرورة إعادة النظر في الأداء في المؤسسات التي تمثل الشرعية اليمنية لنفس الأسباب التي ذكرها الإرياني والزبيري والنعمان في ظروف كانت أشد قسوة وخطرا على البلاد، وتتعدى المسألة الحديث عن إعادة التدوير في إطار نفس البيئة التي لم تعد الحيوي الالتفات إلى أنه من غير الأخلاقي الاستمرار في مسلسلات التعيينات التي لا تؤدي أكثر من منفعة مادية لأصحابها وهو ما ضخم الجهاز الإداري خارج البلاد وليس صالحة بل من الواجب النظر دون مجاملة إلى ما قدمه كل من الذين استفادوا من انضمامهم لها وهروبهم من المركب الذي تصوروا أنه سيغرق فور مغادرتهم لها، كما من قادرا وربما ليس راغبا في ممارسة مهماته في المناطق التي خرجت عن سيطرة الحوثيين منذ ما يقارب العامين. مصداقية الشرعية وارتباط الناس بها يتعرضان لأسئلة حول قدراتها من المواطنين البسطاء ومعالجة هذا لا يتم بإعادة الهيكلة بنفس الأدوات والأشخاص، ولكن بعملية أكثر إيلاما وعودة ممثليها إلى داخل المناطق التي تم تأمينها من فترة طويلة، ولربما احتاج الأمر إلى صرامة وحسم من جانب التحالف عملا بحديث الرسول الكريم (آخر العلاج الكي).

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد