كثيراً ما نتضايق ونسأل أنفسنا وغيرنا لماذا أصبحنا مستعبدين إلى هذه الدرجة من قبل الحكام أو من يسمون أنفسهم حكاما؟
فرق عدة تحكمنا نحن -الشعب- الذي لا حول له ولا قوة، وما لقينا منهم إلا صفعة من هذا وركلة من ذاك، وضربة عنيفة من طرف آخر!
لا أبالغ إذا قلت بأننا أصبحنا عبّاداً لهم بكل حين، يضربونا ونبتسم، ويلعبون على عقولنا ونتمايل فرحاً.. يكبدونا الجرع القاتلة ونصفق لهم.. يقتلوننا ومن نحب ونرفع شعارهم المزيف.
نعم.. نحن مستعبدون إلى هذه الدرجة.. أصحابُ العقول منا والفارغون منها تماماً.. فلماذا يا ترى استُعْبدنا بهذه الطريقة؟
لقد تعودنا على العبادة لغير الله كثيراً، عبدنا الهواتف فاستعبدونا.. فعباد الهواتف والأجهزة وشبكات التواصل الاجتماعي كثيرون.
لقد وجدنا الناس ونجدهم في أغلب الأوقات راكعين أمام شاشة الهاتف أو غيره من الأجهزة التي تستخدم للتواصل الاجتماعي بكل خشوع وتأثر كبير.. فلقد تبرمجت أفكارنا على هذا.
لا أقول فئات اجتماعية بعينها وإنما كل فئات المجتمع بنا فيهم الأطفال؛ وإن كانوا لا يستخدمونها للتواصل فهم يستخدمونها للعب بها ولهذا غفل المجتمع عما يدور حوله وعما يخطط له من قِبل المستعبدين له، ولكي أكون منصفة بحديثي فهناك من يستخدم الأجهزة وشبكات التواصل الاجتماعي لغرض شريف وعمل نظيف وللإفادة منها وفي الوقت ذاته هناك من يستخدمها لأغراض تافهة؛ فتجد بعضهم من وضع في هاتفه كافة البرامج ووقتها تحس أن هذا الإنسان يحمل بعقله ثقافة واسعة ودراية كبيرة بالواقع من حوله؛ وإذا حاولت أن تسأله لبعض الوقت عن المجتمع وما به لا تجد إجابة لسؤالك.. هذا إذا لم يتملص من الإجابة هروباً للحديث عن آخر أغنية نزلت وآخر فلم شاهده، أو أن يخبرك عن أحد الممثلين المشهورين أو الرياضيين، وكأن على عقله غشاء يحيله عن رؤية الواقع المعاش.
إذاً، لماذا نحزن وتتضايق من الواقع ونحن من صنعه، ولماذا نغار على أنفسنا ونحن من جعلها عرضة للآخرين؛ ثم لماذا نقول إننا نحمل عقولاً ونحن من أذهبها إلى الهاوية؟
نحن الذين لم نغير من ذواتنا وارتضينا الواقع الأليم عندها طُبق علينا المثل القائل "من رضي بالشنق شُنق".
فلن تخرج من حبل المشنقة، إلا إذا رفضناه وحاولنا أن نغير حياتنا للأفضل.