سمعت كثيراً عن تغيب القيمة الحقيقية لمفهوم الجيش اليمني ذلك الجيش الذي نكن له كل الاحترام فهو نتاج ثورة سبتمبر وامتداد لثورتها لأتفاجأ اليوم وأنا عائد إلى البيت بأحد مسلحي عصابة الحوثي الذي كان يستقل معنا نفس الحافلة والذي يرتدي بدلة عسكرية متكاملة وسلاح كلاشنكوف ينفي وجود مفهوم المؤسسة العسكري معبر عن غيابها وأن عصابات الحوثي هي وحدها من تمثلها مجسداً ذلك من خلال ارتداء بزتها بهدف إهانتها بينما لم يزد هذا المتحوث عن كونه خادماً يعمل بأجر زهيد عند شخص مجهول الإسم، وهو ما لم أكن أتوقعه لو لم أشهد هذا المنظر المذل لقيمة الجندي المرتدي لبزته العسكرية.
فما كادت الحافلة التي كنا نستقلها تصل أمام أحد نقاط الحوثي الكامنة في وسط العاصمة المظلمة صنعاء بسبب انقطاع التيار الكهربائي منذ عامين حتى وقف السائق ليأتي أحد عناصر النقطة وهو ينظر لهذا المرتدي بزته وسلاحه العسكري ليسأله أنت تتبع من؟ كنت منتظراً أن أسمع اسم وحدة عسكرية كما هو معتاد عندنا قبل أن تدخل عصابة الحوثي صنعاء أو في دول العالم وإذا بالمجند يرد عليه أنا تبع أبو يحيى.
هكذا أصبح يعرف الحوثي نفسه بهدف إهانة الجيش المقدس في ثقافتنا خاصة أن هذا في صنعاء تلك المدينة التي عرف سكانها معركة حصار السبعين وضربوا أروع الأمثلة بالصمود والتحدي لتأتي مليشيات الحوثي لتتعمد إهانة تاريخ مؤسستنا العسكرية ليعرف نفسه بتبعيته لأحد قادة مليشيات لا يعرف غير اسمه المستعار لتصل إلى ذهني رسالة مفادها هل نحن في إطار دولة وهل أصبحت البزة العسكرية تجسد ثقافة المليشيات بعد أن كان هذا اللبس لا يرتديه إلا من ينتمون إلى وحدة عسكرية.
ذلك المشهد جعلني أتوجه مباشرة إلى المجند أو بالأصح إلى الأجير لأسئلة هل أنت محسوب على وحده عسكرية أم على جماعة الحوثي؟ ليرد علي لم يعد هناك حاجة اسمها الانتماء للجيش فالجيش قد انتهى عندما هيكله اللقاء المشترك والإصلاح وما نحن إلا مجاميع موزعين يشرف على كل مجموعة مشرف.
ابو فلان.. كان جوب هذا المخلوق عن انتهاء الجيش بسبب الهيكلة يصل صداه مدوي ومحزن وأنت تجد أفراداً يرتدون زي جيش كنت تنظر إليه بالحامي والمخلص لهذه الأرض الذي يتقاذفها الموت ودعاة الطائفة والمذهبية ليفرغوها من روحها الوطنية وأنت تجد المليشيات تحل محل المؤسسة العسكرية والأمنية.