الخطورة والتهديد الأمني:
وتواصلا مع الحديث ضمن هذا محور هذه الجلسة فإننا سنتطرق إلى خطورة هذا التحول
في نقاط:
استدعاء لصراعات الماضي وضخ دماء طائفية فيها. بالتالي استدعاء لصراع أصوليات وحرب دينية لا تبقى ولا تذر من ناحية، ولكن كون الحوثية تقدم هوية منفصلة منغلقة وفي نفس الوقت فوقية على بقية فئات المجتمع فإنها أيضا اثارت إحياء نزعات هوياتية عتيقة سابقة على وجود المذهب الزيدي بكل نسخه بل سابقة على وجود الإسلام في اليمن.
إصرار الحوثيين على خوض حربهم ضد اليمنيين تحت مسمى محاربة الدواعش منح الإرهاب أرضاً خصبة يتمدد عليها كمقابل موضوعي أصولي سني متشدد لأصولية زيدية شيعية متشددة. وهذا بدوره يسلب شرعية الدولة في محاربة الإرهاب. لأنه لا يمكن مجابهة الإرهاب بإرهاب مضاد ومن دون تفويض شعبي وعلى أسس العدالة لا الانتقام ولا التصفية المذهبية.
تقويض الفضاء العام المشترك في صنعاء تحديداً باعتبارها عاصمة لكل اليمنيين ومركزا إداريا ثقافيا منفتحا تحول إلى فضاء مشحون بالعنف والكراهية وطغى عليه اللون الواحد وجرى تشويه مدينة صنعاء القديمة هذه المدينة التاريخية الجميلة والنادرة. صارت جدرانها مطلية بشعار الجماعة المحرّض والداعي إلى الكراهية.
تعطيل الحياة العامة وصرف الناس عن متابعة الشأن العام والمطالبة بحقوقهم من خلال تحشيدهم بشكل دائم في مناسبات دينية دخيلة على المجتمع ولا تمارس بالرضا بل بالإكراه. فقد استحدثت مناسبات دينية لا تتوقف ولا يعلو فيها إلا صوت واحد هو صوت الجماعة الحوثية وتمجيد رموزها.
احتكار المجال الديني في البلاد من خلال إنشاء هيئة إفتاء دينية من لون واحد ومن سلالة واحدة تتيح للجماعة الحصول على صكوك قتل اليمنين بفتاوى دينية مقولبة.
• احتكار الحقيقية وتلغيم عقول الأطفال في المدارس بكتاب مدرسي طائفي تم طباعة بتمويل من منظمة أممية على أساس طبع الكتاب المدرسي لكن محتواه كان حربيا حتى في أمثلة تمارين الرياضيات التي تتحدث عن القنابل وطلقات الرصاص.
وأخيراً، يمكن حسم الصراعات السياسية من خلال التوصل إلى تسوية في وقت ما، لكن البعد الطائفي في الحرب لا يمكن إيقافه بسهولة لأنه المهدد الأول للنسيج الاجتماعي ومصدر لثارات اجتماعية وحروب لا تحكمها المصالح ولكن قناعات غيبية.
* ورقة قدمها الكاتب في ندوة " الوضع الراهن في اليمن ومتطلبات السلام" معهد العالم العربي في باريس - 14ابريل