ما تمارسه بعض الأنظمة الغربية والشرقية وعلى رأسها عصابات المال الأميركية عند تولي أحد ممثليها الحكم علامات سقوط أخلاقي وحضاري لا محالة، مسرحيات سياسية وحروب تصيب الإنسان بنوبات من السخرية والغرابة والكُره، حروب تخوضها تلك الأنظمة دفاعاً عن حقوق الإنسان، والحكومات الديمقراطيات والمخالفين للقوانين الدولية المتعلقة بانتهاك سيادة الدول وعدوان بعض الدول على دولٍ أخرى.
بينما هي أي الأنظمة تنتهك الحقوق الإنسانية في كل ربوع الأرض خارج بلدانهم وعلى شعوب أخرى غير شعوبها، جوزت لهم شرائعهم وأخلاقهم اللا إنسانية تلك الممارسات وما اقترفته أيديهم في العراق وأفغانستان وغيرها من الدول شاهداً ودليل.
يتكلمون عن انتهاكات القوانين الدولية المتعلقة بسيادة الدول وعدم جواز التدخل في شؤونها الداخلية بينما هم يقومون بانتهاك تلك السيادات علناً ويتدخلون في كل تفاصيل حياة الشعوب الفقيرة حتى في تشكيل الحكومات وصناعة النظم الاستخباراتية وتفاصيل حياة الرؤساء وخصوصياتهم، مأكلاً، مشرباً وملبس، يدسون أنوفهم حتى في اختيار نوعية الأقمشة التي يلبسونها للظهور في عروضهم الجماهيرية.
بيد أن عدوان الدول الفقيرة ودفاعها عن سياداتها ومصالحها محرم، ويتنافى مع مقتضيات القانون الدولي وفقاً لتوصيفاتهم القانونية بالطبع، غير أنه حلالٌ عليهم بكل الطرق الناعمة والصلبة الثقافية والعسكرية الاقتصادية والاجتماعية، لأنهم يمتلكون من القوات الحديثة التدميرية الضاربة والمنتشرة في كل مكان أرضاً وبحراً ومحيطات وما مكنهم من ذلك، وتعمل بنظم اتصالات تنصت تصوير تخطيط فائقة الحداثة عن طريق الأقمار الصناعية من فوق السحاب ومن أعماق البحار.
أميال ضوئية يبتعدون من أضرار قصفهم المحتملة حتى لا يصاب أحد مقاتليهم بجروح أو يتأثر نفسياً جراء بشاعة القتل التي يحدثوها بحق المدنيين العزل في كل مكان علناً وعلى كل قنوات الدنيا الإعلامية المرئيةً والمسموعة.
استقبال ترامب الحميمي للرئيس المصري السيسي وتصريحه "بأنه شعر بقربه منه من أول لقاء، وأكد دعمه له وللشعب المصري وأن السيسي قام بتأدية وضيفته على أكمل وجه في ظروف شديدة التعقيد، وأنه سيطور علاقاته ودعمه العسكري إلى أعلى المستويات" هذه ترجمه حرفية لأهم ما قاله ترمب عند لقائه بالسيسي تصريح مؤلم وجارح لضمير كل أحرار العالم، ناهيك عن أحرار مصر المشردين منهم والقابعين في غياهب السجون، والهائمين على شوارع مصر يكلمون أنفسهم كما أخبرني أحد الأصدقاء المصريين نتيجةً لتدهور العملة والغلاء الفاحش الذي أصابهم.
حماقة يرتكبها ترمب وكأنه هبط من كوكبٍ علوي ومجرةٍ أخرى لا تصل إليها أخبار مصر ولم يسمع بأحداثها منذ ثورة يناير 2011م مروراً بالثورة المضادة وانتهاك حقوق الشعب المصري الباحث عن الحرية والحياة الكريمة وقتله في ساحات الاعتصام مروراً بالانقلاب على الحكومة الديمقراطية المنتخبة. والزج بآلاف المعتقلين إلى السجون دون تهم ومحاكمات عادلة.
وكذلك محاربتهم للإرهاب الذي يُعرَّفونه في قواميسهم السياسية السرية، بأنه هو الخطر المحدق بمصالحهم وأمنهم كشركات نفطية ومصانع تجارية والخَطِر على أمن مواطنيهم كأعراق وشعوب متميزة، أما أمن ومصالح الشعوب الفقيرة لا محامي لها ولا قاضٍ يحكم فيها.
تسرح طائرات الدرونز وتمرح في أجواء اليمن وتنتهك وتقتل الناس خارج نطاق القوانين الدولية والمحلية وتنتقي الأهداف التي ترغب في تحقيقها والشخوص والمناطق التي تريبها، أما ما يدور في اليمن من قتل يومي وقصف دوري وانتهاك لحقوق الإنسان اليمني وتدمير لبناه التحتية ومقدراته الاقتصادية، مباح ولا يعتبرونه إرهاباً ولا يدخل ضمن معايير القوانين الدولية وحمايتها ولا يهم الإنسانية المتحضرة بشيء.
دماؤنا مباحة وحقوقنا مهدورة وبلدنا مفتوحة الأبواب والأجواء لأي فريق له تصفية حساب مع فريق آخر ساحة حرب وصراع واسعة، لكل الأضداد لا يغير عليها ذو دم ولا يدفع عليها ذوي حمية.
ما حدث في محطة قطار مدينة سانبترسبرغ الروسية عمل إرهابي ويستحق وقفه دولية حازمة لمواجهته!! أما ما أحدثته آلة الحرب الروسية في سوريا والتي لم تترك شيئاً جميلاً على أرضها إلا وألحقت به ألوان الخراب والدمار، بدون تمييز بين أهداف مدنية أو عسكرية، مدارس مستشفيات أحياء سكنية ثكنات عسكرية عربات عسكرية قوافل إسعاف وإغاثة، كل شيءٍ في وطني العربي للأعادي حلالاً ومباح، بحكم قوتهم العسكرية والمادية وتحت غطاء شرعيتهم الدولية أحياناً وتفريط أنظمة الحكم العربية الفاسدة معظم الأحايين.
صعلكة دولية وظلم تمارسه أمريكا وروسيا بحق شعوبنا المستضعفة بأبشع الصور وبأدنى المستويات الدينية والأخلاقية والإنسانية، لم يميز قوانين تلك الدول الهمجية على قوانين الغاب سوى الملابس الأنيقة والأسلحة المزخرفة شديدة الدمار والفتك بالإنسانية، المحمولة جواً وبراً وبحرا على أحدث الوسائل وأقوى المركبات.