كل المعطيات والمؤشرات المستخلصة من الواقع السياسي والعسكري الداخلي والخارجي، المحلي والدولي ، اليمني والعربي والعالمي، تدل على ان الرئيس السابق علي عبدالله صالح وحليفه الحوثي قد أصبحوا في الرمق الأخير ، وهم يعانون الان السكرات النهائية الحتمية والزوال الابدي ، وبالذات صالح فإن موقفه الحالي اصبح ضعيف جداً ، مهما حاول ان يظهر بصورة القوي أما أنصاره في الداخل ، إلا انه امام الشأن الخارجي يظهر بصورة المستسلم والبرئ ويجري تحركاته السرية للبحث عن خروج مناسب بأي طريقة كانت .
المتأمل للفعالية الأخيرة التي أقامها الانقلاب في ميدان السبعين ، سيلاحظ ان صالح اقترن حضوره للفعالية في الصباح بخطابه وكلمته التي تم نشرها بعد الفعالية بالمساء ، فحضوره كان مجرد مستمع على ساحة الميدان بين الجماهير يشاهد ويشارك كأي مواطن عادي ، فقد اظهر نفسه مجرد شخص عادي يستمع الكلمة للقيادات الحوثية الذي صور ان تلك الفعالية فعاليتها والبرنامج برنامجها ، وليس مجرد قائد يصعد المنصة ويلقي الكلمة ويخاطب الجمهور ، وفي مساء اليوم نشر صالح كلمته بمناسبة الفعالية عبر الوسائل الاعلامية التابعة له ، وكان جوهرها يتضمن انه ليس طرف فيما حدث باليمن من انقلاب ، وانه ليس طرف في الخلاف الذي صوره انه بين الحوثي والرئيس هادي ومن معه ، وقد ادركت جماعة الحوثي بعد ان القى صالح تلك الكلمة ما هو هدفه من حضوره في ساحة الميدان كمواطن عادي ، فذلك يعني ان صالح سلم لهم برنامج الفعالية كاملاً ليتخلى عنهم في المشاركة بالظهور ، ويتسنى له بعدها القاء كلمة يتخلى عنهم في المشاركة في الخلاف مع الشرعية ودول التحالف ، ولو علمت جماعة الحوثي بمغزى صالح من قبل لما سمحت له بالظهور بين الجماهير ، ولما قبلت ان يكون برنامج الفعالية خاص بها لوحدها .
صالح بلا مساند خارجي : فكل المواقف الدولية اغلبها اصبحت تصب في خدمة الشرعية ودول التحالف ، ولم يعد يجد صالح ما يعطيه المساندة المرجوة من اي طرف دولي ، فمجلس الأمن الدولي كان آخر ما توصل إليه هو التزام بقرارات ومرجعيات تخدم الشرعية وتقف ضد الانقلاب ، والقمم العربية هي الاخرى لم يجد صالح فيها سبيلا ، وسياسة امريكا تحولت نحو اليمن فيما يصب بخدمة الشرعية والتحالف بسبب تدخلات إيران وتورطها بخدمة ودعم الانقلاب ، والامم المتحدة لم تجد اي دليل او مبرر يجعلها تقف وتتخذ موقف قوي مع صالح وحليفه ، والمبادرات وصلت إلى حد يتلخص في تضمن نقاط تسليم السلاح والانسحاب من المدن ولا مساومة في ذلك ، وهذا مايعني عدم حصول صالح على اي مستقبل سياسي قادم .
صالح بلا حجة : لم يعد هناك اي حجة داحضة امام المجتمع الدولي والعالمي يستطيع من خلالها ان يثبت خطأ التحالف والشرعية نحوه ، فتدخل التحالف جاء عبر أبواب قانونية تتمثل في طلب الدولة الشرعية وتأمين المملكة نفسها من الانقلاب الذي هو في الاساس يستهدفها كما استهدف الدولة اليمنية من قبلها ، ولكن قيام صالح بإطلاق الصواريخ الباليستية لارض المملكة افقده حجة قيام المملكة لاستهداف منزله ومنازل أقاربه ، فلو افترضنا أن صالح رفع قضايا للمحاكم الدولية بخصوص قصف المملكة بصواريخ تستهدف الانقلاب؟؟ وألم يكن صالح قام بنفس الفعل !!!
بل إن جبهات صالح في الحدود واستهدافه لنجران وجيزان وعسير والبنية التحتية والأطفال والنساء من مواطني المملكة يجعله مورط أكثر أمام المجتمع الدولي ويفقده اي حجة امام العالم ، ولو كان صالح ذكي لما قام بإطلاق الصواريخ الباليستية التي لم يحقق بها اي هدف نتيجة تفجيرها بالجو من قبل الغطاء الجوي للملكة ، ولو كان ذكي ايضاً لما فتح جبهات في الحدود مع السعودية يدعي بها التقدم نحو جيزان وعسير وينسى في نفس الوقت انه عجز عن صد جيش الشرعية الذي أصبح على أبواب صنعاء !
صالح بلا مبرر: لم يعد يجد أي مبررات يستطيع من خلالها أن يبرر تحالفه مع الحوثي او ينفي ذلك ، ألم يكن صالح ظهر قبل تدخل دول التحالف وانطلاق عاصفة الحزم عندما هجم الحوثي على عدن؟
ألم يقل حينها انه لم يعد الا منفذ واحد لفرار الرئيس هادي ؟
الم يكن حرك الألوية العسكرية من الحرس الجمهوري وغيرها التابعة له بالإضافة للعديد من القبائل والشخصيات القبلية الموالية له لمساندة الحوثي والمشاركة معه في الانقلاب على الشرعية ؟
ألم يكن فعل ذلك قبل تدخل عاصفة الحزم؟
فكيف سيستطيع إن يبرر أن تحالفه مع الحوثي أصبح بعد تدخل دول التحالف؟؟
وكيف سيستطيع في أي حال من الأحوال أن يجد له مبرراً مقبولاً يدعي انه ليس طرف في المشكلة والانقلاب والحوثي مادام وهو مورط بالآف من الدلائل الفعلية والقولية الموثقة عليه .
صالح بلا خطوط للرجوع: فالأبواب قد أصبحت كلها مغلقة أمامه وهو من أغلقها بنفسه ولكنه لم يعد يستطيع فتحها من جديد لأن أصحابها لم يريدوا دخوله منها بعد أن فتحوها له من قبل ورفض الدخول ، فالمملكة السعودية قد عرضت عليه من قبل انطلاق عاصفة الحزم أن يتحالف معها لمواجهة الجماعة الحوثية وسيكون له نصيب في المستقبل السياسي شأنه شأن الأطراف اليمنية التي ستقف مع الشرعية، ولكن صالح رفض في ذلك وفضل الحوثي على رفيقه هادي وشقيقته المملكة التي كانت نعم السند والمعين له أثناء فترة حكمه، ولكنه جحد كل ذلك ولم تصدق المملكة السعودية ذلك الجحود الذي تفاجأت به وهو ما جعلها تفقد الثقة فيه للأبد ولن تفتح له اي خط للرجوع إليها ، وقد حاول صالح ذلك مراراً ولا زال يحاول حتى اللحظة ولكن دون جدوى .
صالح كان قبل فترة يريد نهاية مشرفة من خلال تصالح سياسي يضمن له مستقبل سياسي وقوة عسكرية ويحفظ له ماء الوجه ،،، لكنه الآن لم يعد يريد إلا الفرار وهو يبحث الآن عن خروج آمن ومغادرة بطريقة مناسبة ... صالح يحتضر وهو الآن في الرمق الأخير .