;
فؤاد الحميري
فؤاد الحميري

اليمن الجميل.. مرة أخرى 1129

2017-03-29 05:36:54

ما أن شاع خبر مرضي حتى غمرتني زيارات واتصالات ورسائل الأحبة من كل شبر في اليمن: مقيمين ومغتربين، رجالاً ونساء، كباراً وصغاراً، شيوخا وشبابا، قادة وقواعد، حكاما ومحكومين، شركاء وفرقاء.. بشعور صادقٍ لمسته في كل خطوة خطوتها بعد ذلك انطلاقاً من الشامخة تعز ووصولاً إلى عمّان - الأردن.
وبينما كنت أرى الأمور كلها تتيسر.. والأبواب كلها تنفتح.. فجأة وبين ليلة وضحاها تغير كل شيء.. فقط ليلة لا تزيد ولا تنقص.. علمت فيها بعدم صلاحية ولدي للتبرع لي- وفق الفحوصات الأولية التي أجريت له-.. وهي المفاجأة التي وافقت وصول حالتي الصحية إلى أدنى دركاتها بحيث لم أعد أملك معها الكثير من الوقت للبحث عن متبرع قريب وقد حاصرت القوانينُ كلَ متبرعٍ بعيدٍ.. وما أكثرهم .
كانت ليلة 18مارس.. ويا للعجب فهي ليلة ذكرى جمعة الكرامة الخالدة.. فهل كانت موعدي السماوي الذي تأخر لست سنوات.. حدثت نفسي بذلك وشعرت بنوع من الارتياح لإمكانية أن يلحقني الله بأحبابي من شهداء الكرامة ولو بعد ست سنين.. لكن ومع إشراق شمس يوم الـ18 من مارس 2017م تغير كل شيء إذ كانت ابنة الخال الحبيبة: أروى مدهش نصر، شريكة حياتي، ورفيقة دربي، وأم أولادي، قد تقدمت للفحص الطبي مُفاجِأةً إياي بقولها: صدقني أنا من سأعطيك الكلية وما من أحد سواي .
وهي خطوة كنت قد أبديت رفضي لها حين فاتحتني بها في اليمن.. إلا أن عزيمتها هذه المرة وهي ترى حالتي وما وصلتُ إليه كانت أكبر من رفضي.. وحين راجعتها قائلاً: كيف لأب وأم أن يدخلا غرفة العمليات في ساعة واحدة.. وكيف سيكون حال أبنائنا الخمسة إن علموا بذلك؟! فأجابتني بكل ثقة قائلة: هذه دعوتي يا فؤاد.. وقد أجابني الله إليها.. قلت لها: أي دعوة؟! قالت: ألم أكن أدعو دائما بأن ((لا يفرقنا الله أبداً وأن يجعل رجلي مع رجلك أينما كنت)).. فها قد أجابني الله حتى أدخلني معك إلى غرفة عمليات واحدة.. صدقني يا فؤاد إنها دعوة مستجابة .
حاولت أن أحاججها بأهلها (خالي العزيز وخالتي العزيزة وأبنائهم) وأن قراراً كهذا لا ينبغي أن تستقل به دونهم.. فكانت المفاجأة الثانية هي دعم أهلها لها، وتشجيعهم إياها، مما أسقط كل حججي أمامها.. ورغم أن نتائج التطابق بين كليتينا جاءت صفرية، إلا أن الطبيب أكد أن مضادات الدم قليلة وهي الأهم في الزراعة.. وشجع على إتمامها، مؤكداً إمكانية نجاحها طبياً عبر سوابق كثيرة.. فدخلتُ بناء على ذلك جلسة غسيل كلى كانت بمثابة الشرط لإجراء العملية فيسرها الله لي.. ثم دخلت غرفة العمليات.. فيسرها الله لي كذلك وله المنّة.. وقد تفاجأ الأطباء بالنتائج الأولية للعملية إذ أظهرت نجاحاً كبيراً منذ اليوم الأول لدرجة تأكيد الأطباء لي عدم احتياجي إلى إبرة لتثبيط المناعة رغم أنها شرط في أي زراعة غير متطابقة .
وكم سعدت وأنا أرى زوجتي الحبيبة تأتي من غرفتها في المستشفى لزيارتي في غرفتي المعزولة وهي تمشي على قدميها سليمة معافاة.. ثم زيارتها التالية لتوديعي قبل خروجها إلى البيت بسلامة الله وعافيته .
فيا لعظمة الله ويا لفضله.. يبتلي فيرحم، ويعافي فيتكرم .
فلو خيرت بين السلامة الدائمة وما عشته من الابتلاء لاخترت الابتلاء .
فبه تعرفت أكثر على رحمة الله وفضله ومنه وكرمه وعظمته .
وبه تعرفت أكثر على وفاء الحبيب، وفدائية العاشق، وتضحية الخليل .
وبه تعرفت أكثر على حقيقة الأخوة.. وماهية الصداقة.. وهيولي الصُحبة .
وبه تعرفت أكثر على روعة الانتساب إلى الأحرار.. وسمو الانضمام إلى الثوار .
وبه تعرفت أكثر على عظمة الانتماء لشعب عظيم يثبت - رغم كل محاولات تيئيسنا منه - انه أكبر من الجغرافيا.. وأعمق من التاريخ.. وأرسخ من الايدولوجيا.. وأذكى من السياسة .
وبه تعرفت أكثر على بركة الأيادي الطاهرة حين تحيط أحبابها بالدعاء الواثق . والمناجاة الصادقة .
كما رأيت - في ذلك الابتلاء - يمناً جميلاً كنتُ قد شهدتُ ولادته يوم الحادي عشر من فبراير 2011م . وأعتقد البعض - وااااااهمييييين - أنه كان سَقطا .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد