خلال يومين ستبدأ أعمال مؤتمر القمة العربية في عمان بالأردن ولا شك أن التحديات الإستراتيجية أمام العرب كثيرة ومتنوعة وكبيرة وأوضاع الدول العربية حقا مؤلمة وموجعة ومستغربة:
سيادتها منتهكة.
ثرواتها منهوبة.
حروب داخلية تفتك بشعوبها.
بطالة وفقر حالتان ملازمتان لعشرات الملايين من مواطنيها.
صراعات سياسية وعسكرية واقتصادية هي العناوين الأبرز في علاقاتهم مع بعضهم البعض.
جيوشها تمارس التدمير الذاتي على نفسها وعلى شعوبها.
الشعوب العربية لعقود تنزف دما.
الحرية مغيبة تماما...
العدالة والمساواة والشورى والديمقراطية عناوين مزيفة.
الدساتير والقوانين كذبة كبرى.
قضية العرب الأولى والأهم فلسطين هي ذاتها لم تتغير فهي لازالت مغتصبة رغم مرور مائة عام من وعد بلفور.
العمل العربي المشترك لا وجود له.
الأمن القومي العربي منكشف تماما أمام أعداء الأمة العربية وشواهد ذلك كثيرة ومنها:
انهيار وفشل الدول العربية القطرية في تحقيق الحد الأدنى من الطموحات المشروعة لشعوبها.
ومن تلك الشواهد ما يجري من علاقات منكسرة ومهزومة تقيمها الأنظمة العربية مع أطراف النظام الدولي وقادته.
ومنها أيضا الأزمات والصراعات المأساوية المحلية التي تجري في كثير من البلدان العربية.
ويمكننا القول أن كل قطر عربي لديه ما يكفي من الأزمات الداخلية والخارجية التي تعبث بمقوماته ومقدراته ووحدته الوطنية والتي بدورها تنعكس سلبا على الأمن القومي العربي.
وهناك التدخلات الأجنبية الأقليمية والدولية في شئوننا العربية وهي تعتبر فاعل قوي يعمل على صناعة الأحداث الكبرى في أقطارنا ويحدد مسار الحاضر والمستقبل والمصير لأمتنا العربية وبما يتوافق مع مصالحها العدوانية والدول الكبرى مع بعض الدول الإقليمية لا تتردد اليوم في تقاسم نفوذها في بعض أقطارنا وتتعامل معها كمحميات كمقدمة لدورة استعمارية جديدة لوطننا العربي.
حتما إنها تحديات خطيرة للأمن القومي العربي وهي تحديات ليست خافية لا على الحكام العرب ولا على شعوبهم ولذلك فأن الشعوب العربية تنتظر من حكامها قرارات فاعلة وحقيقية تتناسب مع حجم تلك التحديات الإستراتيجية التي تواجهها الأمة العربية وتتناسب أيضا مع حجم المتغيرات القطرية والقومية التي يعيشها الوطن العربي اليوم.
إن الأمة العربية وهي تتطلع لنتائج مؤتمر القمة العربية المنعقد في الأردن تريد من الحكام العرب وقفة جادة لإنقاذها من هوان تعيشه بين الأمم ولن يكون ذلك ممكنا إلا باتخاذ قرارات شجاعة تهدف إلى تحصين الأمة العربية من الانهيار الشامل لكافة أقطارها وذلك من خلال اعتماد مشروع الاتحاد العربي الذي اعتمد بالإجماع عام 2010 من قبل البرلمان العربي الذي يرعى مصالح الشعوب العربية.
لقد نجح البرلمانيون العرب في مناقشة مشروع الاتحاد العربي ونجحوا في إقراره كوثيقة عربية شاملة لتحقيق الاتحاد العربي وتم رفعه إلى مجلس وزراء الخارجية العرب ومن خلالهم وبالتعاون مع البرلمان العربي والجامعة العربية تم إدراج ذلك المشروع في جدول أعمال القمة الثانية والعشرون عام 2010 في ليبيا.
إن تحريك ملف الاتحاد العربي من قبل القادة العرب هو الضامن الوحيد للأمن القومي العربي الشامل والمنشود.
فبالاتحاد العربي سيكون هناك تفعيل حقيقي للعمل العربي المشترك وللتكامل العربي والاعتماد المتبادل بين الأقطار العربية.
بالاتحاد العربي سيكون العرب أكثر قوة وهيبة في علاقاتهم الدولية وسيتحرر القرار العربي من التبعية ويستعيد العرب سيادتهم الكاملة على أقطارهم.
بالاتحاد العربي يستطيع العرب استعادة فلسطين وستحرر الدول العربية من التهديدات الأجنبية.
بالاتحاد العربي ستستعيد الجيوش العربية مكانتها ورمزيتها وسيتحقق الدفاع العربي المشترك وستكون الدول العربية أكثر أمنا واستقرارا .
بالاتحاد العربي ستتأسس على ارض الواقع المفاهيم الكبرى للشورى والعدل والحرية والمساواة والمستمدة من عقيدتنا وهويتنا الإسلامية والعربية.
بالاتحاد العربي ستتوقف الحروب الداخلية العبثية في أقطارنا العربية.
بالاتحاد العربي سيحافظ العرب على ثرواتهم الوطنية ويستعيدون المنهوبة منها.
بالاتحاد العربي ستتحرك التنمية وسوف يسود السلام والوئام بين الأقطار العربية.
بالاتحاد العربي لن يكون هناك دورة استعمارية جديدة في ارض العرب..
بالاتحاد العربي سيتحقق الأمن القومي العربي الشامل الذي ننشده لأقطارنا وأمتنا العربية وسوف يستعيد العرب كرامتهم بين الأمم.
فهل سيحقق القادة العرب لشعوبهم وأقطارهم الأمن القومي العربي من خلال إقرار وثيقة الاتحاد العربي التي اعتمدها بالإجماع ممثلي الشعوب العربية في البرلمان العربي؟؟
أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء.