لاشك أن عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية قد مثلت إنقاذاً لليمن من أكبر خطر في التاريخ الحديث أطل بقرونه عليها فجأة بتحالف أخدان الانقلاب "الحوثي/ صالح" وذلك لتحويلها ولاية إيرانية جديدة، ضمن المشروع التوسعي الإيراني الذي يسعى لاستعادة إمبراطورية "قورش" الملك الفارسي المقدس لدى الفرس واليهود على حد سواء، حد توهم هذه الدولة التي تعتبر خصماً تاريخياً للعروبة وللإسلام من قرون طويلة، ومعها أتباعها في المنطقة العربية التي استزرعتهم جيوباً شيطانية، تعتبرهم مخالبها الناشبة.
إن حادثة الشؤم الأسود يوم 21 سبتمبر 2014م كان نتيجة أخيرة وإعلاناً نهائياً لسنوات طويلة، وربما عقود، من العمل الدؤوب والمتخفي بسرية متناهية، من أجل هذه اللحظة المشؤومة التي هزت قاع المجتمع وأحدثت صدعاً في بنية الدولة من الصعب رتقه على المدى القريب، حادثة تم حبكها من زمن بعيد بخيوط الحقد والغل التي تغلي كمرجل داخل نفوس هذه الجماعة التي تدعي اليمنية وليست من اليمنية في شيء؛ خاصة وقد مثل لهم المخلوع صالح المخلب الناشب من خلال أتباعه والموالين له في المؤتمر الشعبي العام وفي الحرس الجمهوري، فخان الوطن الذي منحه المنصب لأول لثلث قرن ويزيد، وخان الجمهورية التي أوصلته إلى هذا المنصب، وخان الجيش الذي دعمه خلال كل فترته المذكورة. ولعمري فلو تجسدت الخيانة واللؤم في شخص أحد لكانت هذا الرجل بشحمه ولحمه.!
نتكلم عن هذه الواقعة التي عملت على تجريف مؤسسات الدولة باعتبارها عملية سطو مسلح وعدوان جائر من قبل جماعة متوحشة عنصرية تفتقد فيما تفتقد للمشروعية والمشروع معا، وليته كان انقلابا كالانقلابات المتعارف عليها دوليا، لأن للانقلاب مشروعه الوطني كهدف، وله آليته الحاسمة كأداة، التي تفضي بالنهاية إلى إصلاح الوضع القائم، لا لمزيد من التخريب والفساد كما فعلت هذه الجماعة.
في الواقع ما حصل من عدوان وسطو مسلح ليس الأول في تاريخ الجماعة؛ بل لقد سبقته مئات الاعتداءات، ومئات المجازر والانتهاكات البشعة بحق الإنسانية التي تعرض لها شعبنا اليمني منذ قرون على يد هذه الجماعة، وليس هناك من جيل ـ على الإطلاق ـ لم يخض معها معركته الخاصة منذ قَدوم الإمام الهادي إلى اليمن أواخر القرن الهجري الثالث الهجري وإلى اليوم. وليس ببعيد ألا يكون الأخير ما لم تتخذ سلطاتنا الشرعية اليوم قراراً حاسماً بالكف مستقبلاً عن أي عدوان، حماية للأجيال القادمة، أما جيلنا فقد دفع الثمن اليوم ما بين قتيل وأسير وجريح ومشرد في عشرات الدول الشقيقة والصديقة، ومن بقي في الداخل فتحت وطأة القهر والذل والاستعباد.!
لهذا، ولغيره، كانت عاصفة الحزم..
نعم.. لقد مثلت إنقاذا تاريخيا لشعب كامل من الإبادة الوحشية والعنصرية التي خططت لها هذه الجماعة، تحت مبرر الحق الإلهي في الحكم/ التحكم المدعوم بما يسمونها نصوصا دينية لا علاقة لها بالدين؛ لاسيما وقد سبق هذا العدوان دورات مكثفة وفي مختلف المجالات العسكرية والأمنية والإعلامية لرموز من هذه الجماعة في كل من إيران ولبنان تحت رعاية وإشراف كوادر تابعة لهما، وذات خبرات سابقة في هذا الجانب. ولولا عاصفة الحزم التي أعاقت المخطط الأكبر وعرقلت حسابات السير لكانت اليمن اليوم أسوأ من سوريا بكثير؛ لأن هذه الجماعة تحمل موجة ارتدادية من الحقد والغل ما لا تحمله نُصيرية سوريا تجاه الشعب السوري.
وإلى جانب مُحافظة عاصفة الحزم على الحد الأدنى من حياة الشعب من موجة القتل والسحل الجماعي التي كانت ستطاله بسلاح الدولة، فقد حافظت أيضا على رمزية الشرعية السياسية للبلد برئاسة الرئيس/ عبد ربه منصور هادي الذي طلب من المملكة إنقاذ اليمن وفقا لاتفاقية عام 1934م بين البلدين الشقيقين.
صحيح أن الوضع اليوم في اليمن لا يطاق، وقد بلغ حداً لا يوصف؛ إنما كانت الكارثة أكبر والمصاب أخطر لو لم تكن عاصفة الحزم. من ناحية ثانية لا يزال لدى اليمنيين بصيص أمل على المملكة العربية السعودية في قادم الأيام أن تقوم بدورها الإيجابي في رتق هذه الندوب وردم الأخاديد الشائهة التي خلفتها الحرب، على الأقل حفاظاً على مستقبل الأجيال القادمة، وعلى ما تبقى من البقية الباقية من بنية الدولة المنهارة.
وبهذه المناسبة نهيب بالقيادة الشرعية مواصلة دورها النضالي في مواجهة هذه الفئة الباغية، واستعادة الدولة، وتقديم الجناة إلى محاكمة تاريخية عادلة تحترم حق الشعب اليمني وتقتص من جلاديه.