أمام أحد المطاعم الشعبية في مدينة إب، توقف طقم للمليشيا محملاً بعدد كبير من المسلحين، تناثر بعدها أفراد الطقم كالجراد، واتجهوا بكامل عتادهم إلى داخل المطعم ليسارع العمال للقيام بتجهيز مائدة "المجاهدين"..
افترشوا الأرض وأكلوا الأخضر واليابس، ولم يفكروا في دفع المبلغ طبعاً، وشكروا جلالة السيد الذي سخر لهم هؤلاء الناس وما كانوا لهم مقرنين، وانطلقوا للجهاد في "سبيل الله".
صار أشيئاً معتاداً حدوث أمر كهذا، كما هو الحال بالنسبة لاقتياد أصحاب الصرافة والمشاريع الصغيرة كل بضعة أيام للحجز حتى يتم دفع مجهود حربي للجهاد في "سبيل الله"!
المجاهدون في سبيل السيد يستحلون أموال الناس من البسطاء تحت دعوى أنهم مجاهدون، حتى صارت مدن اليمن بفقرائها حلال للنهب والبطلجة في سبيل الله.
وهذا طبعا لا علاقة له بهدي النبي، فقد حمل الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر المجاهدين في "سبيل الله" بحدود وقوانين للغزو والجهاد في بلاد غير المسلمين، فهدي النبي شمل حتى الحرب فسنّ لها حدودا يجب ألا تخترق.
كان من ضمن تلك القوانين ألا يقطعوا شجرا أو يقتلوا طفلا أو امرأة أو عجوزاً فانياً.
وطبعا ألا يسرقوا أو ينهبوا تحت دعوى الجهاد؛ وطبعا هذا في بلاد غير المسلمين، أما في بلاد المسلمين فالأمر مختلف تماما.
فالمجاهدون هنا يشبهون الجراد لا يبقون على شجر أو حجر وكل شيء ينفع كمجهود حربي حتى أقوات الفقراء والجائعين..
في إب يتستر لصوص المخلوع تحت غطاء هؤلاء "المجاهدين"، فيعيثون سرقة ولصوصية في مدينة اعتادت أيضا أن تكون مسروقة ولقمة سائغة للصوص المخلوع.
وفيما مئات الآلاف يرزحون تحت خط الفقر بمائة درجة للأسفل، هناك جماعة تزداد ثراء من متاجرتهم بالأوقاف والأماكن العامة التي هي من أملاك ما كان يسمى بالدولة في هذه المدينة.
إب مدينة لا تعرف سلام التوازن والحقوق، وإنما سلام اللصوص والعقوق.
مدينة منتهكة ليس على يد المليشيات فقط وإنما على يد أولئك الذين سلموها كي يشبعوها سرقة ولصوصية.