ليس لعلي عبدالله صالح ما يخسره، فهو يعرف نهايته أكثر من أي شخص آخر، نهاية الديكتاتوريات والطغاة الملطخين بالدم والعار واحدة، لذا فهو يقامر بعنترياته ويدفع جموع القطيع من أتباعه وأنصاره وممن لم تستطع الشرعية احتواءهم أو تجاهلتهم، إلى محرقة كبيرة.
الآونة الأخيرة زادت نفسيته سوءاً وتعاظمت في دواخله ماكينة الحقد والانتقام الآثمة، وهو يتحدث بلغة زعيم العصابة الغارق لا محالة، "دقوهم"، اقتلوهم، ويحرض على كل من خالفه ويتوعدهم بالتصفية، فما الذي تبقى له من الرجولة؟! من يغامر بالأطفال ويسوقهم إلى الجبهات كي يذبحوا ليس بشراً، بل طاحونة انتقام.
صالح فقد حتى مناوراته وألاعيبه، لعل الجميع يتذكر في بداية إشعاله للحرب متخالفاً مع قتلة اليوم (الحوثيين)، كيف أنه كان يحاول الظهور بمظهر الوسيط والنائي بنفسه عن الحرب ويدعو الجميع إلى ترك السلاح والعودة إلى الحوار والسلام.
لكن مع خيباته الكثيرة لم يعد قادراً على ممارسة هذا الدور التنكري، خاصة وأن حلفاءه بدأوا بإهانة كل شيء متعلق به وبسلطته وأتباعه، فظهرت نقمة أفراد حزبه وامتعاضهم من تركه إياهم فريسة للحوثيين ومشرفيهم، بل إن وسائل إعلامهم لا تتوانى من نشر عناوين تهينه وتهين رجالاته.
لذا قرر الرجل أن يلعب آخر ألاعيبه، بفتح باب المذابح على الجميع وإشراكهم في حفلة انتقامه، وأن يخفف من امتعاض أتباعه وأنصاره من خلال الزج بالحوثيين والإصلاحيين في اتون حرب انتقام وثارات وأحقاد وتصفية، إضافة إلى حرب السلطة القائمة الآن.
هذه الدعوة القاتلة، لا تصدر عن رجلٍ سوي أبدا، فمثل هذه الدعوات وفق آليات حقوق الإنسان مجرمة دولياً ويعاقب عليها القانون الدولي والإنساني، وهو ما كان صالح يحاول أن لا يظهر أمام المجتمع الدولي بشخصية القاتل بقدر محاولاته المستميتة لتقديم نفسه وحزبه كمنقذ وحل وسط، ووسيط أقل ضررا من أطراف الحرب والصراع.
عنتريات الزعيم المنتقم لن تكون إلا بدفع المزيد من الأبرياء إلى جبهات الموت، وبالذات في الجبهة الحدودية، الأمر ليس مهما له، فأرقام القتلى ليست ذات قيمة بالنسبة إليه، بقدر أرقام أمواله وحساباته المالية التي يديرها أنجاله والمقربون منه، وما جاء في تقرير الخبراء إلا النزر اليسير من ذلك، والخاص بالشركات التابعة لنجله خالد التي تقوم بتدوير أمواله.
لقد فقد علي عبدالله صالح كل شيء، السلطة، النفوذ، الزعامة، وما زال ينزفها حتى الآن، وبدأ يتآكل من داخله كإنسان ورجل.