نظرة استهانة واحتقار واستضعاف وسخرية لعتمة وأبنائها كان يلقيها نظام صالح الذي حكم اليمن 33 سنة وانقلاب الحوثي وصالح الذي يقارب الثلاث السنوات منذ بسط يديه في اليمن، وقبل أكثر من عام رفعت جهات استخباراتبة تتبع الانقلاب تقارير عن احتمال اندلاع مقاومة في مديرية عتمة، وعندما اجتمع صالح مع الصماد لمناقشة تلك التقارير رد عليهم صالح في بداية النقاش قائلاً : أصحاب عتمة ووصاب وريمة لا تخافوا منهم، لأنهم أصحاب بسطات وعربيات وبوافي وليس فيهم رجال سيقاتلون ويقاومون، ولكن عندما اندلعت شرارة المقاومة في عتمة تفاجأ صالح والحوثي فلقد جاءهم ما لم يكونوا يتوقعون ولم يكن في حسبانهم، ليتضح أن أبناء عتمة رجال وأهل عزة وحرية وكرامة وسيقاومون الاستبداد والظلم والاستعباد وسيقدمون دماءهم وأرواحهم في ساحة المقاومة وميدان الشرف والبطولة والفداء.
مديرية عتمة تتبع محافظة ذمار، إلا أنها عانت من إهمال متعمد وتهميش واضح من حيث المشاريع وإعطاء أبناءها مناصب كبيرة في الدولة في عهد نظام صالح، وإذا تم تعيين أحد أبنائها في منصب فتعيينه مجرد ديكور بدون صلاحيات تمكنه من خدمة مديريته وأبنائها، وقد يكون عسكري من سنحان لديه قدرة وصلاحيات أكثر من وزير من أبناء عتمة، والسبب أن صالح كان يتعامل بطريقة مذهبية يقوم من خلالها بدعم المناطق التي كانت تتبع المذهب الزيدي ويهمش المناطق التي تتبع المذهب الشافعي سابقاً وعتمة أحدها، وهذه الطريقة تمكنه من تشجيع مذهب ضد مذهب لكي يأمن اتفاق المذهبين على محاربته وانتفاض الجميع ضده في يوم ما، وأيضاً كان يتعامل صالح بطريقة المناطقية فيقوم بتشجيع ودعم وتمييز بعض المديريات في المحافظة الواحدة وتهميش بقية مديرياتها، وهذه الطريقة تأمنه من عدم اتفاق أبناء المحافظة الواحدة وانقلابهم عليه في يوم ما، فصالح كان يستخدم نظرية وقاعدة "فرق تسد" لحكم أبناء اليمن، وهي نفسها الطريقة والقاعدة التي كان يستخدمها أي احتلال خارجي لليمن، بل إنها النظرية والقاعدة التي تستخدمها أميركا وإسرائيل واليهود والنصارى في تعاملهم مع العرب والمسلمين، ولست مكفراً لصالح أو مدعيا أنه يهودي أو نصراني فحاشا لله أن أكون مكفرا لأحد، ولكن أقول إنه استخدم طريقة التعامل مع شعبه بنفس الطريقة التي يتعامل معها الغرب مع شعوب العرب والمسلمين، ولكنهم لم يتعاملوا بتلك الطريقة مع شعوبهم وهذا ما يجعلهم يختلفون مع صالح الذي يعتبر تعامله بهذه الطريقة تعاملا داخليا وليس خارجيا بينما هم يتعاملون بها تعاملا خارجيا وليس داخليا.
مقاومة عتمة فاجأت الانقلاب ولخبطت أوراقه وأربكت حساباته، إذ كان الانقلاب يعتمد في دعم مواجهاته على مواقع الأطراف في المناطق التي يسيطر عليها، فالمواجهات في نهم وتعز والمخا والضالع وصعدة وغيرها كلها تعتبر مواجهات في مواقع الأطراف في المناطق التي يسيطر عليها الحوثي وصالح، ولكن مقاومة عتمة شكلت ضربة مؤلمة وقوية، كونها اندلعت من مناطق الوسط لتبعثر الانقلاب من الداخل وتطعنه من الخلف وتضربه من موقع قلبه وتحاربه في عقر داره.
مقاومة عتمة ردت الاعتبار لمحافظة ذمار التي عرف عنها أنها أكثر من دعمت الانقلاب وجندت أبناءها لميليشياته، ورغم وجود قيادات كبيرة في الدولة الشرعية من أبناء محافظة ذمار كان الأولى أن تندلع المقاومة من داخل مديرياتهم كعنس والحدأ وغيرها، ولكن عتمة كان لها السبق والشرف والفخر في تبنيها للمقاومة لتكون الأولى والوحيدة حالياً في محافظة ذمار ككل، وهذا ما يتوجب على جميع أبناء ذمار التوجه إلى عتمة والالتحاق في مقاومتها كونها المفتاح لتحرير محافظتهم .
يجب على قيادة دول التحالف والدولة الشرعية تقديم الدعم الكامل والسخي لمقاومة عتمة، كما يجب على القيادات الكبيرة في الدولة الشرعية من ابناء محافظة ذمار كالقوسي المحافظ والمقدشي رئيس هيئة الأركان وعبدالعزيز جباري وغيرهم أن يكون لهم بصمات في دعم مقاومة عتمة لأنها أعادت الاعتبار لمحافظة ذمار التي ينتمي إليها هؤلاء القيادات لكي يحتفظوا بماء وجوههم، بينما أعادت الاعتبار للشرعية ككل في محافظة كان يراهن الحوثي وصالح على عدم انفجار أي مقاومة داخلها.