بدأ مشوار التلاحم اليمني اليمني، واليمني الخليجي مع بزوغ فجر الحادي عشر من فبراير؛ إذ تلألأ لمع بياضه مع انطلاق هذه اللحظة الصادقة متكئة في ذلك على ميراثٍ استطاع أن يخترق سياجاً تمعن النظام السابق في اختياره بعناية، متحزماً به من كل عوامل التغيير، غير أن النضال السلمي الهادر الذي بدا أشبه بالعين التي تستقر تحت الأرض استطاعت أن تجتاله بهدوء.
فلم يكُ فبراير شمالاً فحسب؛ بل وجنوباً وشرقاً وغرباً، وما سطره الشهداء إلا نبراساً لما نرنو إليه مستحضرين القضية، والقضايا في وجدان الثورة وعقلها ولبها، كما حضرت في الميدان معلقة لنا في ذكراها الثالثة قناديل محال نسيانها، باقية تتأرجح في قلوبنا الدهر كله.
فعلى الرغم من محاولة المرجفين وسعيهم الدءوب في بث روح الانقلاب وتحويل شتاء فبراير إلى صيف، إلا أن ثواره وقادته ومؤمني فبراير كانوا يجدون شتاء فبراير في قلوبهم ووجدانهم على سخونة ما يحيط بهم، ويحاول تسعيره حولهم أعداؤهم الدمويون، إلا أنهم كالذي لم يحفظ إلا أرجوزة الصبر في مراد ما يطلب وهو الذي تجلت سبحاته في الأفق التليد..
ومن تليد ما يتجلى ويحضرني هنا، ذكر أفرادٍ، وفردٍ ولا يطيب خاطري إلا بتسميته بمهندس السهم الذهبي وقائده، ذاك الشجاع الفذ الذي أحب المواطنون وجهه، وأحبوا ما يقوم به، إنه البطل الشجاع المغدور الشهيد جعفر محمد سعد، ألف رحمة عليك سيدي جعفر ومحافظي الشريف الذي استجاب برحابة صدره لأوامر الضرغام والقائد المغوار المشير عبد ربه منصور هادي.
الاستجابة التي أعدها سبحة في أحداثة حظيت بها الثورة، لعل أبرزها هو ذا الذي لن تنساه القوى الانقلابية، إنه اليوم السادس والعشرين من مارس الذي انطلقت فيه عاصفة الحزم بمشاركة دول التحالف العربي تحت قيادة السعودية، والتي بدأتها بقصف جوي متواصل لمعقل الانقلابيين وقوات المخلوع صالح على طول وعرض البلاد معلنة بذلك انتهاء حد الصبر إزاء عبث ومهزلة الفرقاء السياسيين.
إذ تمر ذكرى فبراير وهي تنخز في قلبي على أشقاء لستُ اطمئن لليد التي بالقرب منهم، إنهم صحفيو الحقيقة، صحفيو فبراير المجيد الذي نالت منهم يد الانقلابين بالأسر والحجب خوفاً من كشف نتن باتت تدخر هذا النتن عطراً لأجسادهم التي بها يمضون لعالهم المريض.
ختاماً ولا ختام في فبراير إلا روائح الفل والكاذي، الختام الذي تتجدد ذكرى العهد بكم، الختام الذي لا يسعني إلا أن أقول فيه بعضاً من ظلال كلمات القائد المشير عبد ربه منصور هادي ناسجاً في ذلك ثوب أحرف عيدي القادم ويمني الجميل " أنتم على موعد مع اليمن الذي تحلمون به،يمن جمهوري اتحادي كبير، نمضي فيه قدماً بما يحويه من عروبة وتاريخ وحضارة فاعلة، رامياً إلى مجدٍ قادم وزاهر يضمن الحماية لذاته وللمنطقة أيضاً.