لم تكن ثورة فبراير حدثاً عادياً، أو عابراً، إنها محطة هامة في تاريخ نضالات الشعب اليمني، بشماله، وجنوبه، ينبغي التوقف عندها لاستلهام معانيها، وقيمها الإنسانية العظيمة، من أجل التغيير، والانعتاق، من ربقة الاستبداد، والديكتاتورية، وحالة اللادولة، كما والوقوف طويلاً بتأمل أمام فكرة الثورة، وحركتها المتحفزة، التي ظلت تنمو في بيئة معقدة، وشديدة الانغلاق، أمام رياح التغيير الاجتماعي، والسياسي، كحلم لم يكن من السهولة تقبله، أو التعاطي معه، في بادئ الأمر، من قبل النخب السياسية، والاجتماعية، لأسباب عديدة، غير أنه ظل يحلق في الفضاء المفتوح، بشجاعة، يرسم، ويهندس، شكل التغيير، الذي يصلح كعلاج ناجع للأمراض السياسية، والاجتماعية، التي يعاني منها اليمن، مستمدا حضوره، وانتشاره، من أخطاء، وسقطات، وممارسات، النظام العائلي، الديكتاتوري، الذي كان قد أصبح بمثابة سلاح دمار شامل لليمن واليمنيين.
إن الثورة الشعبية السلمية، كانت حلم.. وان الله أراد التغيير.. فكان الإلهام هو الخيط الرابط بين إرادة الله، والجماهير، لتحقيق هذا الحلم، في شكله العظيم، والمثير.. انه إبداع لا مثيل له في اجتثاث الظلم، والاستبداد، وإقامة العدل، والحرية، والبناء.
الثورة لم تفشل، ولكن يمكن القول إن مشروع التغيير الذي تحمله الثورة قد تعثر، بسبب التحديات التي ظهرت أمامه، وهي داخلية، وخارجية، والتي فاجأها الحدث، ولم تكن تريد التسليم بحتمية حدوثه، وضرورة، وأهمية انجاز أهدافه، أو التسليم ببروز جيل جديد متسلح بقيم الثورة، والتغيير، والعصر، على حساب الجيل الذي تشابكت مصالحها معه، وأصبحت غير قادرة على التفريط به بسهولة، الأمر الذي أدى إلي تعثر مشروع التغيير، مما سهل عملية الانقلاب عليه، فيما بعد.
وعلى الرغم من هذا التعثر، إلا أن مشروع التغيير حقق عددا من الأهداف، ما يجعلنا نقول إنه لم يفشل، وإنه ما يزال مستمرا، تحرسه ثورة عمرها ست سنوات، هي في أمس الحاجة اليوم لإعادة تصحيح المسار..
أصبحت معركة اليمنيين اليوم واحدة، ضد الانقلاب الذي أراد إجهاض حلم الثورة، والتغيير، وهذه من أهم ايجابيات وأهداف الثورة الشاملة، التي وحدت الأداء، في وجه نظام وعصابة مارقة، عملت بكل جهدها على تمزيق اليمنيين إلي أهداف، وشعارات، حتى يسهل لها تحقيق أهدافها الإجرامية، اللا وطنية.
لم تكن ثورة الحراك السلمي، إلا إرهاصا، وإلهاما، لفعل الثورة الشعبية الشاملة، وحاملا طبيعيا لتطلعات الجماهير، في الحرية، والانعتاق، وكسر حاجز الخوف، وهو الوحي، والوعي الجماهيري الذي نمى في داخله فعل المقاومة، انتصارا للثورة الشاملة، وتمكينا لمشروع التغيير. مؤتمر الحوار الوطني، هو هدف من أهداف الثورة، أنجز وظيفته في رسم شكل الدولة، ومضمونها، وهو الفعل الذي استفزت نتائجه مراكز، وقوى الفيد، والاستبداد، فأرادت أن تلغيه، وتختطفه فوقعت في فخ مؤامراتها، وطيشها، داخل الحلم الكبير لليمنيين، الذي عصف بها، ويكاد يجهز عليها الآن.
لا يكفي أن يكون لنا مشروع وطني للمستقبل على الورق، والمطلوب أن تتم التهيئة لهذا المشروع، بشكل صحيح، في مختلف الجوانب، فيما يتعلق بإعادة بناء مؤسسات الدولة، وحل المظالم، وتعويض المتضررين، وإصلاح منظومة الخدمات، وتحقيق الأمن، والاستقرار، واستمرار المقاومة، لاستعادة ما تبقى من اليمن، وهذا لن يتحقق إلا بتصحيح مسار الثورة.
تحية لكل الأبطال الذين آمنوا بمشروع الثورة، والتغيير، وقدموا التضحيات من أجله، وما يزالون، تحية للتحالف العربي، الذي يقف مع اليمنيين ويدعمهم، في تحقيق تطلعاتهم، وأحلامهم، في بناء الدولة الاتحادية العادلة، وانجاز أهداف التغيير.
الرحمة للشهداء الأبرار، في الثورة الشعبية السلمية الشاملة، والحراك السلمي، والمقاومة الشعبية، والشفاء للجرحى، والحرية للمعتقلين.