قرارات أميركية خطيرة تطال سبع دول شرق أوسطية منها ست دول عربية وهي "سوريا والعراق واليمن وليبيا والسودان والصومال" والدولة السابعة هي إيران..
حيث أكدت تلك القرارات السيادية التي وقعها ترامب على منع جميع مواطني الدول السبع رجالاً ونساء، أطفالاً وطلاباً وتجاراً ومهاجرين ومرضى، شباباً وشيوخاً وغيرهم، من دخول أراضي الولايات المتحدة وذلك بمبرر حماية الداخل الأميركي من الإرهاب العالمي بحسب ما تزعم تلك القرارات.
هذه القرارات في جوهرها قرارات تمييزية عنصرية مثقلة بالكراهية قرارات راديكالية تتعارض مع مضامين القانون الدولي ولها انعكاسات خطيرة وكبيرة على المصالح الوطنية العليا للدول المتهمة بأنها موطن للإرهاب.
هذه القرارات العجيبة والأولى من نوعها في العلاقات الدولية المعاصرة فضحت زيف الفكر الليبرالي بمرجعيته الأميركية التي ظلت- ولزمن طويل- تسوق نظرياته عن النظام الدولي العادل من خلال مفاهيم الأمن الجماعي والحفاظ على السلام العالمي وتنمية الروابط بين الدول لتحقيق التعاون الدولي، ودعواتها المستمرة لتعزيز الثقافة المشتركة بين الشعوب، وتسويق العولمة، والتفاخر بالإنسان العالمي، وتبني مبادئ الحقوق والحريات، والمساواة، والعدالة السياسية والقانونية والاجتماعية، واحترام سيادة الدول، وتحقيق المصالح المشتركة، والدعوة الدائمة إلى تطوير آليات الاعتماد المتبادل بين الأمم، وتشجيع السوق المفتوحة وغيرها من المفاهيم الليبرالية الأميركية التي سقطت جميعها بضربة واحدة كنتيجة مباشرة لتلك القرارات المستفزة لحكومات وشعوب ليس فقط الدول التي فرض عليها الحضر بل إنها قد كانت رسالة الى العالم كله بان أميركا الجديدة دولة تتجاهل القانون الدولي الإنساني وتتجاوز المواثيق الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول وأنها تتجه فعلا إلى تبني سياسات عنصرية تجاه شعوب بأكملها وأنها تمجد المصالح الأميركية على حساب الدول الأخرى بطريقة تشبه إلى حد كبير السلوك الدولي لألمانيا وإيطاليا في ثلاثينيات القرن الماضي.
إن العلاقات الدولية ليست بضاعة أميركية تدار بحسب سوق العرض والطلب إرضاء لمزاج صانع السياسة الخارجية الأميركية، لأن العالم ببساطة ليس الولايات المتحدة الأميركية كما يعرف ذلك جيداً الرئيس الأميركي ترامب.
وحكام واشنطن يعلمون يقينا أن العلاقات الدولية منضبطة بقواعد قانونية دولية متعارف عليها تساعد في تعزيز السلم والأمن الدوليين وتحمي المصالح الوطنية العليا لكل دول العالم بما فيها مصالح الولايات المتحدة الأميركية ومصالح الدول العربية المتضررة من قراراتها ودون الحاجة إلى سياسة خارجية سيئة تؤسس لفوضى شاملة في النظام الدولي تكون نتائجها كارثية على السلم والأمن الدوليين.
إن الولايات المتحدة الأميركية قبل غيرها من الدول تتحمل مسئولية حضارية وإنسانية كبيرة أمام شعوب العالم ومؤسساته الدولية في الحفاظ على مبدأ سيادة الدول وحرية الشعوب بحكم مكانتها العالمية وحجم وقوة تأثيرها الكبير في الشئون الدولية.
ورغم معرفتها لهذه الحقيقة إلا أن الإدارة الأميركية اليوم قد عمدت إلى تجاهل دورها المحوري في السياسة الدولية ولم تترك للدول المعنية بقراراتها الجديدة سوى خيار واحد فقط للتعاطي مع سياساتها العدوانية بسياسة مبدأ المعاملة بالمثل.
وهذا مبدأ متعارف عليه في القانون الدولي لأن العلاقات الدولية التي تنشأ بين الأمم تنطلق من القاعدة القانونية الدولية التي تعطي كل دولة الحق السيادي المطلق في اختيار التصرف المناسب لحماية مصالحها الوطنية وعلى أساس مبدأ الاحترام المتبادل بين الدول في استخدام مثل هذا الحق السيادي المطلق وأن لا يكون هناك سلوك عدواني من دولة تهدد فيه مصالح دولة أو دول أخرى.
أستاذ العلاقات الدولية ـ جامعة صنعاء