أتيحت لي الأسبوع الماضي فرصة زيارة المدينة المنورة بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية للعام الجاري 2017م.
كانت الزيارة غاية في الأهمية بالنسبة لي، فلأول مرة أقف على معالم هذه المدينة التاريخية، وأستكشف مواقعها، وأتجول في عرصاتها، وأتعرف على خصائصها عن قرب.
فالمدينة المنورة كأول عاصمة في التأريخ الإسلامي تمتلئ وتزخر بالعديد من الأحداث ذات البعد التاريخي والتحول في مسيرة الأمة الإسلامية، ولازالت أماكنها شاهدة على تلك البطولات التي غيرت مجرى التأريخ، ومثلت بداية الميلاد لأمة جديدة.
لا شيء هناك يشعرك بالغربة، فأنت بين أهلك وقومك بغض النظر عن الجنس أو العرق أو اللون، والجميع على قلب رجل واحد فيما يؤمنون ويعتقدون.
في رحاب المدينة الطاهرة تعيش أنسام الروحانية والطمأنينة المتفردة التي لن تجدها الا هناك، والوقوف على معالمها التاريخية يجعلك تقف في لحظة زمنية فارقة بين الماضي البعيد بزخمه المشرق، وبين الحاضر الأصيل بعنفوانه ووهجه المستمر.
لذلك تأتي عملية اختيار المدينة المنورة كعاصمة للسياحة الإسلامية فرصة عظيمة لإعادة استكشافها من جديد، وتقديمها بهيئتها العصرية لكل مسلم داخلها أو خارجها.
فعلى مدى التأريخ لم تتوقف المدينة عن منح زائريها الدهشة والطمأنينة والاعتزاز، وساهمت عملية الاهتمام بها من قبل حكومة المملكة العربية السعودية المتعاقبة في تحويلها إلى مكان يمنح زوارها وأهلها البهجة والأمان والإيمان أيضا.
وعكس جدول البرامج الذي وضعته اللجنة التنفيذية للاحتفاء بالمدينة كعاصمة للسياحة الإسلامية الكثير من الفعاليات المتنوعة التي ستسهم بإبرازها تاريخيا واجتماعيا، وتقدمه للجمهور بأسلوب عصري وجذاب شاملاً جميع فئات المجتمع ومختلف مناحي الحياة.
فهناك أكثر من 100 فعالية ستنفذ طوال العام، وهناك العشرات من المهرجانات والفعاليات المتنوعة التي تربط الماضي بالحاضر بأسلوب فريد وحماس منقطع النظير.
وفي المؤتمر الصحفي الذي احتضنته المدينة كشف القائمون عن الفعالية العديد المفاجآت التي تنتظر أهل المدينة والمسلمين حول العالم خلال العام الجاري، بل إن المؤتمر بحد ذاته مثل تظاهرة إعلامية ضمت العديد من وسائل الإعلام العربية التي حضرت لتغطية هذا الحدث الكبير.
لا أود أن استعرض تأريخ المدينة أو أشرح قدرها فهي غنية عن التعريف، مستغنية عن الوصف، وحسبها أنها في قلب كل مسلم، غير أن حدثا كهذا يمنحها ألقا جديدا، و يقدمها من جديد للجميع.
بالنسبة لمظاهر الإعداد والتهيئة من قبل اللجنة التنفيذية، والفريق المختص، وشركة مفيد المنظمة لهذا الحدث فتشعرك جهودهم بالاعتزاز والتكامل بين الجميع في سبيل إنجاح هذه المهمة، ومساعيهم النبيلة لإنجاحه وإخراجه كحدث يليق بالمدينة وعظمتها وتأريخها ومكانتها في قلوب الناس.
ويمثل البرنامج خلاصة أشهر من النقاش والبحث بذلها الجميع لتقديم المدينة بحلة راقية، وعكس ذلك كله إدراك العقل السعودي لما يريده بالضبط، وما يتمناه أن يكون، وكيف ينبغي أن يظهر أمام الآخر، وهو ما يترجم ايضا الاهتمام العالي لإمارة منطقة المدينة المنورة وهيئة السياحة والثقافة فيها.
وفي كل الأحوال فالمدينة المنورة تستحق هذا الإنجاز والاعتناء، فهي كما يقول وكيل إمارة المدينة محمد السهلي ردا على سؤال للموقع بوست خلال المؤتمر الصحفي إن المدينة هي محبوبتي ومحبوبتك.
ولا يسعنا إلا أن نتمنى لكل القائمين على هذا المشروع التحية والإكبار نظير الجهود التي يبذلونها، متمنين لهم النجاح والتوفيق في مهامهم ومشروعهم.