أنا القابع أمامك وتحت سقف هذا السجن.. أنا الذي يرفع رأسه عاليا في الهواء، يفكر كيف السبيل إلى الخروج. الخروج فقط، لا يهم أين أو كيف.. كل ما أريده هو الخروج، كنت أريد مصافحة الشمس في تصالحِ مني، لأنني في أحد الأيام انتقمتُ منها، استظلت تحت شجرة وكانت الشمس تتبعني، ولكنني ضحكت ساخرا لأني أراها مقطعة وتدخل من خلال أوراق الشجرة، لا أعرف من الذي غاب عن الآخر، ولكن الذي أعرفه أنها لم تعد تُصافحني كالسابق، وأنا أهرب منها لأستظل تحت شجرة ما، كنت أعتقد أنها غضبت مني لأنني أهرب.. كنت أهرب منها، أهرب وأهرب..
أما الهواء الذي يختنق بدخان الظلم وبأصوات العذاب, والأفكار النبيلة في رأسي تركل بعضها بعضا وتركل بعضها وتركل بعض وتركل وتركل وتركل.. ثم تقتلع عيناي اللتان ترفضان النزوح عن نهد السماء، من نافذة صغيرة..
وفي كثير من الأحيان كنت أشبه بندقية بيد مراهق، لا أشعر بطمأنينة. أفكر بشيء يهب لي الأمل، كان الصمت سيد الموقف كان الذي يفرض قوته عليّ، الكلمات خذلتني، ومضيتُ في طريق مليء بالألغام كانت خطورة وهي ليس خطورة. كان يمضي الوقت، أشعر بأنني مخنوق بشدة.. تمضي الأسابيع، اشعر بأنني مكتئب بشدة تمضي الشهور، اشعر أنني سأكون بخير في نهاية روحي. ورغم الصراعات التي كانت بداخلي ولا أستطيع وصفها الآن.. ولكنها قد تكون أشبة بصراعات الجماعات الدينية (الطائفية). ثم انه لم يكن يعنيني أن أعيش هذه الفترة برفقة كل هؤلاء الناس.. كان يكفيني أن أخلق مساحتي الصغيرة وأتعامل مع كل هذا الضيق ليمضي الوقت ويأتي الليل لأهرب من السجن، اهرب بالنوم. أما ألان لا يمكنني أن أنسى حُروبي.. وتلك الصراعات والرضوض.. المعارك والصراخ، صرخات أمهات فقدن أبنائهن في الحرب، لا يمكنني نسيان المعاناة فأنا بحاجة لها لأفرق بين الأيام السيئة والجيدة! لأنني هُزمت بين أربعة جدران.. ولم تعد لدي طاقة كي أخفي هذه الحقيقة.. لم تعد لدي طاقة أصلاً لأواصل الحرب مع هذه الحياة، كنت أريد أن لا أكترث لحجم خسائري. ولكنني أرفع الراية البيضاء!