قال تعالى :[ ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِّنكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الْأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ] " آل عمران :154 "، وقال تعالى: [وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا] [وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ ۚ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا] " الأحزاب: 12، 15".
خامساً: [يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الْأَمْرِ مِن شَيْء] [يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا] [لَوْ أطَاعُوُنَا مَا قتِلُوُا].
هذه طائفة كبيرة بين المرجفين والمخذلين بل هي كبرى طوائف هذا الطابور النفاقي المترامي الأطراف، طائفة لها القيادة والريادة، لها أتباع وأنصار في كل زمان ومكان وفي كل حال وقضية، تظهر نفسها على أنها صاحبة العقلانية والموضوعية والإنصاف، وباعها كبير في الاستشارة والمشورة، يسوق نفسه هذا الطابور على أنه من أهل الحل والعقد والكلمة الأولى وفي باطن كل ذلك وظاهره إرصاد للحق وخديعة المؤمنين ومحاربة لله ورسوله ورسالتهما، إنه إرجاف في صفوف الآخرين مع التباكي عليهم وإظهار الحرص، والتثبيط بين المؤمنين مع التذمير والتنفير منهم ومن أخلاقياتهم وسلوكياتهم واستقامتهم خوفاً من محبة الناس لهم ومناصرتهم، هو الإرباك بين المجاهدين مع التأسف والتمسح والتأفف، وهو التخذيل الممزوج بالحزن والعزاء على المفقودين المغرر بهم الذين باعوهم أصحابهم وقبضوا ثمنهم وألقوا بهم إلى التهلكة؟! هكذا يصنع هذا الطابور، وتنشط هذه الطائفة!.
◀ هذه الطائفة المُرْجِفَة التي تظهر الحرص على المصلحة العامة والخاصة للمسامين وللوطن، ودائما ما تجدهم يُحمِّلون المسؤولية عن التقصير أو الأوضاع كاملة على المجاهدين والمقاومين من المؤمنين المخلصين من أبناء الوطن كونهم قاتلوا وقاوموا وقدموا تضحيات، أو اختاروا خط الدفاع عن أرضهم ووطنهم ودينهم وشرعية دولتهم واستحقاقات شعبهم، المرجفون والمنافقون يحمِّلون دماء الشهداء والجرحى والذين بذلوا أموالهم وأنفسهم في سبيل الله بسبب أن الشهداء والجرحى قد أطاعوا ولله ورسوله والمؤمنين الذين فتحوا باب الجهاد والمقاومة وكانوا قادة وجنوداً في المعركة، وأنهم لو أطاعوا هذا الطابور ما كان أحدهم قد استشهد أو جرح؟ أو ما ماتوا ولا قتلوا ولا أصيبوا؟!
من عباراتهم المُرْجِفة، وكتاباتهم المخذلة، وأقوالهم المثبطة مثلاً: هذه الحرب أهلكتنا، وأكلت علينا الأخضر واليابس، دمّرت بيوتنا، قتلت شبابنا، لو كنا سَلّمنا ورضينا بهم كان أفضل!، هؤلاء يتاجرون بالشهداء والجرحى ويدعون أنهم حماة الأوطان .
لو كان هؤلاء الناس الذين خرجوا معهم للقتال ما خرجوا معهم كانوا الآن في بيوتهم وبين ذراريهم أحياء، لكن للأسف أطاعوا غيرنا ولم يطيعونا ويتبعونا، ولذلك هم اليوم منهم قتيل ومنهم الجريح، ومنهم الأسير! حتى وإن حققوا انتصارات؟!
الذين لم يفتحوا باب الجهاد ولا المقاومة للقوى الباغية واستسلموا للعدو يعيشون الآن بسلام آمنين، ولو كنا استسلمنا لهذه القوى المنقلبة على الحق الباغية على الشعب مثل بقية المحافظات كان حالنا أفضل من حالنا الآن، دخلنا في هذا الخوف، والابتلاء، وانعدام الخدمات، وغلاء الأسعار، وندرة البضائع وسفك الدماء؟! هذه صور من كلام وإرجاف المرجفين في هذه الطائفة، يقولون ذلك عبر وسائل إعلامهم المرئية والمسموعة والمقروءة، وعبر الباعة والمتجولون والمتسوقون، وعبر وسائل المواصلات في البر والجو والبحر، وصدق الله في هؤلاء الرَّجفة المخذِّلة حيث وصفهم وذمهم: [لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا]" آل عمران: 154"، [الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا] " عمران: 168"، [وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزّى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا] " 156 " إنها الحسرة الخاسرة التي يلقيها هؤلاء على من رزقهم الله الأمن والأمان والطمأنينة. إنه البكاء والعويل والندم الذي جعله الله في قلوب هؤلاء المرجفون المخذلون تلامس حياتهم ومحيّاهم في الليل والنهار.
علماً بأن هؤلاء قد أنكروا أن الأعداء يترصدون لرجالهم وأموالهم وأنفسهم، وأنكروا أن يكون الأعداء الغزاة البغاة المفسدين يتربصون بمدينتهم وبدينهم وممتلكاتهم ومقدرات عيشهم أو يبغونهم بسوء، وإنما الخطأ هو من جهة الذين يقاتلون ويقاومون ويدافعون عن دينهم ووطنهم؟! فهذا قبل الإعداد والاستعداد والتجهيز والجاهزية للقتال والحرب والدفاع، وأما ما يكون من هذا الطابور في أثناء المعارك وبهدها فهو أكبر وأعظم! وهذه هي صورتهم [وقيل لهُم تعالُوا قاتِلوا في سبيل اللهِ أو ادْفعُوا قالوا لو نعْلم قِتالا لاتبَعْناكُم]" عمران: 167" وقد سبقت الآيات.
أستاذ مشارك- كلية الآداب- جامعة تعز