الاعتزاز بالقومية اليمانية شيء عظيم ولا ريب خاصة في موجة التهشيم الداخلي الحاصل للنفسية اليمنية كتابع لسلالة معينة عاثت فساداً في تحقير اليمني وإنزاله منازل أقل من قيمته، سلالة حرصت على تصنيف المجتمع اليمني وفق فئات كلها تقوم بخدمة هذه الفئة السلالية بمنتهى الوقاحة والانتهاك لشرائع الدين الحنيف.
لكن موجة المبالغة في أحياء النعرات القومية المنتنة والمسميات والثارات التي نهى عنها الدين الحنيف شيء يبدو كأنه أمر مدروس ومعد له على حساب الانتماء للإسلام.
ظاهرة الاعتزاز المبالغ فيها من قبل أشخاص في مواقع التواصل الاجتماعية بإطلاق ألقاب وأسماء ملوك اليمن شيء عظيم ولا غبار عليه لكن مظاهر الاحتفاء وإحياء شخصيات قد هلكت بخيرها وشرها يبدو أمراً مثيراً للشفقة والسخرية بحد ذاته.
إننا في ظاهر الأمر نبدو كأطفال نفتخر بفتوة حارتنا الذي لا ندري في أي قرن ميلادي ظهر تحديداً، إيقاظ الموتى لن يجعلهم يخوضوا معاركنا الخاصة أبداً.
لقد صار لنا شماعات نعلق عليها أحقاد يتشربها أجيالنا جيل بعد جيل، وحقيقة لا فرق بيننا وبينهم في بكائياتهم على الحسين الذي مات قبل مئات السنين، ولا في انتمائنا المتعصب لأحداث وقعت قبل قرون ونحييها اليوم.
إن أي غلو في أي جانب يثير الكراهية فأشفقوا على عقولنا قليلاً من تلك البهارات الزائدة والحماسة الرعناء.
ولا تعيدونا إلى الجاهلية وعصر السحالي بأيدي وتخطيط هذه المليشيا وبعقولكم الغبية التي تنتعش لكل صرعة غير مجدية ولا نعرف ما خلفها.
وعلى الأرجح إنه مخطط إيراني يسير موازٍ لمشروع تشييع اليمن وسلخها من الهوية الإسلامية بإحياء النعرات الجاهلية التي نهى النبي الكريم عنها.
وأنها بدأت فكرة شيطانية في رؤوسهم وتنامت على أيدي المقهورين والغيورين من اليمنيين الذين رأوا في إحياء القومية اليمنية بتلك الصورة ملاذاً وهدفاً ساميا في مواجهة سلالة البطش والعنصرية.
نعم.. نحن نفخر بعراقتنا كيمنيين وأن اليمن أصل العرب ومهد الحضارات الإنسانية.
لكننا نفخر أكثر بكوننا أنصار هذا الدين وجنوده في وجه أي غلو، في وجه أي تعصب، في وجه أي طائفية سلالية أو دعاوى جاهلية لا تمت لمساواة الإنسانية جمعاء.
فلتكن أعيننا وأقلامنا من أجل إقامة دولة حرة تصنع لنا مستقبلاً كريماً ولا نسخر أنفسنا لعودة مزدوجة للماضي الذي لن نغيره بل يدمّرنا.