;
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

الوعي وعقلانية مجرى التاريخ 1625

2017-01-07 02:47:23

ما نحن فيه لا معنى له غير أننا لم نصل بعد لمستوى من الوعي لندرك أهمية الحياة لنرتقي بالمجتمع ثم الوطن لنعيش كسائر الأمم الإنسانية لنكون جديرين بالاحترام، لا جديرين بالشفقة، الوعي هو نتاج للعلم والثقافة والتجربة، الشهادة هي مجرد ورقة والمكانة ما لم تكن نافعة ومفيدة للمجتمع والوطن والإنسانية مرتكزة على العلم والقيم والمبادئ النبيلة والمصالحة العامة، تتحول لأنانية مرض مستعصي ضار وخطير على الأمة والوطن والمستقبل .
الأنانية مرض خطير تدفع المصابين بها لاختيارات ومواقف مصلحيه ضيقة، تؤجج صراعات سلبية مدمرة، واصطفاف صراع المتكبرين والظلمة والطغاة، تفرغ الإنسان من أهم صفاته الإنسانية ليتحول لوحش كاسر، يرى الحياة عبارة عن غابة موحشة، يجب أن يكون فيها القوي ليعيش على حساب الآخرين الضعفاء كما ينظر لهم، فالضعيف هنا ليس ضعيف البدن، إنما في قلبه إحساس وجسده ضمير، عقله مدرك أهمية الحياة ميزانه متغيرات البشرية، وتجاوز صراعات المصالح والهيمنة، مستوعباً أنه إنسان، وأن حوله أناس، يستحقون الحياة مثلما يستحقها، وإنها شراكة وعيش مشترك، فيها ميزان عدل إن اختل اختلت الحياة، الأناني لا يهتم لهذا الميزان، ميزانه العنف وامتلاك أدوات القوة ليتكبر، عقولهم تعيش أحداث الماضي، فينظرون للآخرين بازدراء، وإنهم يشكلون خطراً على بقائهم متسيدين مهيمنين متكبرين، رؤية مشوهة للواقع الإنساني، معاقون عقلياً ونفسياً، وهناك المتطفل المصلحي الذي يرى الحياة محطة عبارة يجب أن يعيشها برغد على حساب كرامة وعزة أمته، يستلذ العبودية ويقتات على ما يرمون له من فتات، فيسخر علمه وثقافته وإمكانياته لخدمة المستبد والطاغية، يرتبط مصيره بمصيرهم، فيتحول لأداة رخيصة لخدمة مشروعهم .
عجلة الحياة تدور بسرعة فائقة نحو التجديد لتلبي طموحات وآمال الناس، وكلما ارتقى بنا الوعي كلما طورنا من سبل الحياة لنكيفها لخدمتنا، فالوعي دائماً حصن للإنسان، يجعل كل أفكاره ومفاهيمه متوازنة وواقعية، مما يؤثر على تصرفاته وأفعاله بشكل تلقائي، وكلما ضاقت بنا الحياة نرتقي وعياً ونكتسب مناعة وقدرة وصلابة لنرتقي بحياتنا لتواكب طموحاتنا وآمالنا، إنها سنة الحياة والتغيير، كلما ازدادوا ظلماً، ازددنا شغفاً بحياة أفضل، وتاريخنا البشري حافل بالتجارب، كل هذه التجارب المختلفة المكان والزمان وشكل الصراع، تمتاز بقاسم مشترك، هو ارتفاع حدة الظلم والاستبداد والحروب وجبروتها وسطوتها على الشعوب هو مؤشر زوالها جذريا من على كاهل حياة تلك الشعوب .
وللتاريخ فلاسفة كبار أمثال هيجل يقرأ التاريخ وكأنه كتاب مفتوح أمامه. كان يطلّ عليه من علٍ وكأنه تحته ثم يلخصه بعبارة واحدة أو يفهم زبد عصارته. كان هيجل يقول العبارة الأساسية التالية: «الفكرة الوحيدة، التي أتت بها الفلسفة هي تلك التي تقول بأن العقل يحكم العالم، بأن مجرى التاريخ الكوني هو بحد ذاته عقلاني». وعندما تحتج على البروفيسور هيجل وتقول له: وهل الجرائم والمجازر والفظائع التي تحصل في التاريخ هي عقلانية؟ فإنه يجيبك فورا: نعم، كل ما هو واقعي عقلاني! بمعنى أن له ضرورته المسجلة في أحشاء الواقع ولحمة التاريخ. فلولا الحروب الأهلية التي اكتسحت أوروبا وطحنتها طحنا لما شعر الناس بالحاجة إلى توليد فكر جديد ونظام سياسي جديد، ولولا الظلامية ومحاكم التفتيش لما كان التنوير. وبالتالي فلا شيء يذهب عبثا، أو مجانا، أي واقعنا اليوم في هذا البلد هو ضرورة لمخاض التغيير، ولا بد أن يأتي الفرج، بعد الظلام لابد أن يأتي النور، بعد العسر لا بد أن يأتي اليسر، بعد الحزن لا بد أن يأتي الفرح، بعد الظلم لابد أن يأتي العدل، بعد القهر لا بد أن تأتي الرحمة، والنهاية الحتمية للمستبد والظالم والمتكبر والأناني هي الهزيمة المخزية، ومستوى وعينا وإدراكنا لمصالحنا العامة والوطنية ومشروعنا الوطني هو المسرع في زوالهم.
متى ستكون لمعاناتنا وقهرنا وجور ظلمهم وتكبرهم وتعسفهم الأثر الواضح في تنامي الوعي، ونستوعب خطورة تضليلهم للوعي العام وأكاذيبهم وتغريرهم للرأي العام، وصنع أزمات وخلق صراعات وإشعال حروب وقودها أبناء الشعب وضحاياه الأبرياء، وبعد تكلفة باهظة وأزمات خانقة، وضياع وطن ومستقبل وحياة، نجد صوتا هزيلا ينادي من بعيد "خدعنا" نبحث عن وطن ومشروع وطني نجده في سلة مهملاتهم، ونجدهم يرفعون لنا مشروعهم الحقيقي، متى نصطف بوعي لمصالحنا ومشروع يلبي طموحاتنا وآمالنا .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد