📖 قال تعالى: [[ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ()لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ]] التوبة : 46-47" .
التثبيط والإرجاف والإرباك والتخذيل هي سمات سلبية وأخلاقيات سيئة وسلوكيات إنسانية خاطئة، ومساوئ قبيحة، كما يصورها القرآن الكريم بعدسته الإلهية التي لا تخيب ولا تغيب عن التفصيلات الدقيقة لتشخيص طابور النفاق والمنافقين، وهي في ميزان القرآن والسنة الصحيحة الثابتة الأقوال والأعمال الصالحة للسلف الصالح من صميم مواصفات المنافقين وعلاماتهم، ومن مخرجات جماعة الطابور الخامس، أو من سلوكيات وسياسات الطرف الثالث الذي يقف في منطقة وسط بين الحق والباطل، بين الكفر والإيمان، بين الخير والشر، بين الفضيلة والرذيلة على أقل تقدير، فإن عمليات النفاق تبدأ تشتغل بقوة وتعمل بنشاط بدءا من الطرف الثالث ثم الرابع حتى يترقى إصحابها إلى رتبة الطابور الخامس! فإذا حدد هؤلاء موقفهم يوما فقد يحضرون مع الحق لكن قلوبهم وألسنتهم تعمل بنشاط في مجال الإرجاف والتخذيل والتثبيط والتعويق والتخبيل وسيوفهم تشهد أنهم مع الباطل، فسرعان ما يكون انكشافهم وافتضاحهم، ولخطر هذا الطابور المنافق على المبادئ السامية الحقة تولى الوحي ذاته المتلو وغير المتلو كشفهم وفضحهم وتعريتهم للمجتمع الإسلامي عامة فضلا عن إظهار أقوالهم وأفعالهم وحركاتهم المريبة المشبوهة للمؤمنين المجاهدين المقاومين قبل المعارك وفي أثناء المعارك وبعد الانتهاء منها.
وليست هذه الآلات أو الآليات والمسميات السلبية من صفات وأخلاقيات وسلوكيات المؤمنين المجاهدين المقاومين في سبيل الله، ولا تقترب منهم، ولا هم من حملتها أو من عشاقها، ذلك أنهم هم المؤمنون العاملون المخلصون الذين جنبهم الله هذه الأوصاف والمزالق والمحاذير في الأقوال والأفعال والنيات، فهي لا تطرق أبواب قلوبهم، ولا أصول تفكيرهم، ولا ثوابت عقيدتهم، وخالص أعمالهم بأي حال من الأحوال لأنها صنائع قادحة في إسلامهم وإيمانهم وإحسانهم .
من يأخذ بهذه الأخلاقيات والسلوكيات السلبية التدميرية في حياته كمنهج ومبدأ فقد وقع في مزالق مهلكة، ومحاذير خطيرة، وتعاملات سيئة ومقيتة، والمؤمنون بالله حقا الإيمان يتجنبونها حقا والتزاما في العقيدة والعمل وفي الواقع، وكذا المجاهدون المقاومون في سبيل الله صدقا وعدلا، والداعون إلي الله ورسوله والرسالة بالحكمة والموعظة الحسنة قولا وفعلا فهم من باب أولى.
▪ إنما الإرجاف والتخذيل والتثبيط والتعويق وإحداث الإرباك والتخبيل هي أوصاف رذائلية خبيثة وصفات شيطانية سلبية ملاصقة تماما للذين لم يستقر الإيمان في قلوبهم، ولم يتمكن الإسلام من عقولهم، ولم تترسخ الأخلاقيات الحميدة في تعاملاتهم، ولا السلوكيات الفاضلة في حياتهم الشخصية والدينية، هؤلاء هم ضعاف الإيمان والعقيدة، أصحاب القلوب المريضة، والأفئدة المختلفة، والوجوه المتعددة، والأفكار المضطربة، والألسنة المتنوعة المنافقة، والجوارح الشريرة النزقة المنزلقة، تجار المصالح الشخصية والمنافع الذاتية وأهل الادعاء والتقول، وأعداء الحق والحقيقة ، بائعو القيم والمبادئ والأوطان.
وعليه فليحذر أهل الإيمان الصافي، والأتقياء الأنقياء، والدعاة إلى الله الملتزمون المتدينون، والجنود المجاهدون في سبيل الله من الانزلاق يوما من الأيام، أو في ساعة من الساعات، أو في لحظة من اللحظات إلى بؤرات النفاق وطوائف المنافقون ونتاجهم الإجرامي في أوساط الأمة المحدية، فليحذروا من الإنزلق إلى مزالق التثبيط، وخلايا الإرباك، وجماعات الإرجاف، ومروجوا التخذيل والتهوين والطعن واللمز والغمز بأهل الحق والدين والاستقامة، ودعاة الوطنية الأصيلة الشريفة، فليبتعد المؤمنون المجاهدون المقاومون الوطنيون المخلصون عن هؤلاء آلاف الأقدام والأميال لخطرهم، فلا يجالسوهم، أو يصدقوهم، أو يركنوا إليهم، أو يسمعوا إليهم، أو يتأثروا بهم ويوالوهم ؛ فضلا عن أن يكونوا من أحادهم ويصيروا من الذين يروجون لبضاعتهم الرخيصة المزجاة الخبيثة كي نتجنب التفريق والتحريش والنزغ بين المؤمنين والتحريض على المسلمين .
◀ ذلك الانزلاق المهلك قد يحدث من المؤمنين المستقيمين، ومن الجنود المجاهدين المقاومين في غفلة إيمان بالله منهم أو في حين ضعفه، أو في حالة ضعف الثقة المطلقة بالله وبكتابه وبرسوله الكريم، وبسنته الصحيحة الثابتة، أو بالوقوع في حبائل سوء الظن بالله وبوعده ونصره للحق وأهله وتمكينهم في الأرض بعد أخذهم بشروط ذلك التمكين، أو يحدث منهم في ساعة حضور لعاعة من لعاعات الدنيا الفانية، وظهور شهوة من شهوات النفس المغرية في المناصب والمكاسب وشهوات الزعامة القاتلة والارتهان في أحضان الأعداء بغية الانتقام لحسابات كاذبة خاطئة، أو الإنزلاق ٱلى مساوئ المنافقين معنوية كانت أو مادية على السواء .
أستاذ مشارك- كلية الآداب- جامعة تعز