ليس هناك أسوأ من حادث تفجير صالة العزاء الذي وقع عصر السبت الثامن من أكتوبر/ تشرين الثاني في العاصمة صنعاء، إلا استثماره بالكيفية التي أرادها حسن نصر الله من لبنان، والمخلوع صالح الذي كشف في أحدث خطاب له ألقاه أمس، غداة وقوع الحادث، عن موقعه في إطار المنظومة التي تديرها وتمولها إيران.
حسن نصر الله كان السابق إلى استثمار حادث التفجير الذي تعرضت له صالة العزاء، فكانت موضوع خطابه الأول الذي ألقاه مساء يوم الحادث.. والجميع يعلم أن اهتمام نصر الله بالشأن اليمني مرتبط بمخطط الاستيلاء على الدولة الذي أفشله التحالف، فقد نصب نفسه منبراً لهذا المشروع الانقلابي الفاشل، وباتت صنعاء اليوم العاصمة الرابعة التي تدخلها إيران في دائرة الحرب والعنف والموت المجاني.
المخلوع صالح تجاهل آلاف الضحايا الذين أشرف على قتلهم في عدد من محافظات الجمهورية، وذهب يعدد الضحايا الذين سقطوا بطيران التحالف، ولم يكتف بذلك بل ربط ضحاياه بضحايا العراق وسورية وليبيا، وهنا يتساءل المرء، من الذي يقتل في العراق غير الحكومة وميلشيا الحشد الطائفي، وحفنة من الإرهابيين الآخرين الذين صنعتهم إيران؟ ومن الذي يقتل في سورية غير بشار الأسد والتحالف الشيعي بقيادة إيران الذي يضم حزب الله والحرس الثوري وكتائب العباس، والميلشيا الأفغانية، بالإضافة إلى الطيران الروسي الذي يقصف المستشفيات؟.
المخلوع أعلن في هذا الخطاب نحى منحى طائفياً صريحاً وبرهن على أنه بالفعل جزء لا يتجزأ من الحلف الإيراني، الذي ينصب الوهابية- وهي طريقة في فهم الدين- عدو يتعين مقاتلته.
إنه يستثمر بشكل فج الحملة التي تشترك فيها إيران للنيل من السعودية ومن المجتمع السني الكبير من زاوية إدانة الوهابية، ونسي أن التحالف العربي لا يقاتل بالمذهب الوهابي وإنما يقاتل بطائرات الـ إف 16 والـ إف 15 وميراج، وبأحدث أنواع الأسلحة، ويقاتل لإفشال مشروع طائفي تموله إيران، ويقاتل لحماية الأمن القومي العربي، وحتى لا تتمكن إيران من اختطاف اليمن، وتحويله إلى جزر من الطوائف المتناحرة وإلى منصة لتصدير الفوضى، في سياق الملحمة الشيعية المتخيلة عن الانتصار للمهدي المنتظر المزعوم.
اللافت في خطاب المخلوع أنه كشف صراحةً حجم وطبيعة دوره في الانقلاب الذي أورث اليمن كل هذه المآسي والفجائع وتسبب في هذه المجازر والدمار والنزوح الفردي والجماعي، ولكن هذه المرة بنبرة طائفية فجة وإن كان يحاول مداراتها بالحديث عن اليمن واليمنيين.
لقد أظهر المخلوع بما لا يدع مجالاً للشك بأنه المرشد الروحي والقائد الفعلي للانقلاب وللعمليات العسكرية التي تدور في أكثر من جبهة، وهذا يستوجب العمل الجاد من أجل إعداد لائحة اتهام جنائية لملاحقته باعتباره مجرم حرب، تمت تغطية جرائمه بقانون الحصانة، فعمل ضد القانون وواصل ارتكاب الجرائم، ويجب الانطلاق من تعز التي لا تزال تدفع ثمن حرب المخلوع عليها منذ أكثر من عام ونصف.
تحدث المخلوع وكأنه لا يزال الرئيس، وهو أمر يدعو للتساؤل، عما إذا كان صالح الصماد هو بالفعل رئيس "المجلس السياسي الأعلى"، ومحمد الحوثي رئيس "اللجنة الثورية" في دولة الانقلابيين المزعومة؟.
لقد أجاز المخلوع لنفسه دعوة الجيش واللجان الشعبية للتوجه إلى الحدود مع المملكة لقتالها والثأر لقتلى الصالة. والسؤال هو: بأي صفة يوجه هذه الدعوة؟ ولماذا يعتقد أن اليمنيين مرهونون لإرادته حين يواصل ادعاءاته الفارغة بأن اليمنيين "يتعرضون للعدوان السعودي".
والمثير للاشمئزاز حقاً أن المخلوع صالح، وهو مجرم الحرب الأول، ينصب نفسه ولياً لأمر اليمنيين فيمنح العفو على من يقاتلون من أجل الحرية والانعتاق ويحجبه على كل من لا يدين استهدافه أو استهداف من يصطف معه في مشروع الانقلاب والحرب على اليمن.
وأخيراً وفيما كان المخلوع يلقي خطابه الذي حاول من خلاله الاستثمار السياسي لحادثة صالة العزاء، كانت 3 صواريخ تنطلق من المواقع التي يشرف عليها مستهدف تجمعاً يضم الآلاف من مشيعي الشهيد القائد اللواء عبد الرب الشدادي في محافظة مأرب المجاورة.
فماذا يسمي المخلوع صالح هذه الجريمة وماذا كان سيقول للناس لو وصلت هذه الصواريخ الثلاثة إلى أهدافها؟.
ياسين التميمي
المنحى الطائفي في خطاب صالح 1576