كل يوم يسقط قتلى مدنيون في اليمن، في قصف حوثي أو ضربة طيران، ومن نجا تناوله القناصة من مكان قريب.
المدنيون يدفعون الثمن الأغلى في هذه الحرب.
وكل طرف يحمّل الطرف الآخر المسؤولية.
ما هو الحل؟
كيف نخرج من هذه الدوامة؟
الحل هو وقف الحرب تماماً، وعدم الاستثمار في دماء الناس.
الحل في اليمن من أسهل ما يكون لأن مرجعياته واضحة، ولكنه من أصعب ما يكون، لأن الإرادة السياسية غير متوفرة.
من يرفض وقف الحرب اليوم يتحمل مسؤولية الدماء التي تسيل، من يرفض مرجعيات الحل هو المسؤول.
أوقفوا الحرب للحفاظ على ما تبقى.
البلاد تتشظى.
ومع تشكيل "حكومة إنقاذ" للحوثيين وصالح، وأخرى لهادي وبن دغر، تكون حدود تسعين قد عادت في أبهى صورها، وأنتم المسؤولون.
النسيج الاجتماعي يتهتك، ومع ذلك يتحدث أمراء الحرب أحاديث مضحكة عن "الوحدة اليمنية" التي قضوا عليها بسياساتهم الخاطئة.
واحد في صنعاء يتحدث أمام عدسات الكاميرا عن "الوحدة اليمنية"، ثم يقول في مجلسه الخاص: "ارتحنا من عبء الجنوب. إرثنا التاريخي ينتهي عند براميل الشريجة"، وآخر في عدن، أدى اليمين الدستورية أمام الرئيس هادي، وتحت علم الوحدة، ثم رفع في مكتبه علم ما قبل 1990.
ويظهر الاثنان أمام الشاشة يتحدثان عن ضرورة الحفاظ على "وحدة البلاد وسيادتها".
مفارقات تعيسة، مقرفة.
وتستمر المعركة، ويستمر أمراء الحرب في إرسال مندوبيهم لجمع التبرعات من الفقراء في الحديدة لصالح البنك المركزي اليمني!
بالله عليكم، هل يعقل أن يرسل الحوثي مندوبيه إلى الحديدة لجمع تبرعات من أهلها، بعدما رأينا من صور مرعبة لأطفال تهامة الذين يلتهمهم الجوع، تلك الصور التي كنا نراها لأطفال من دول المجاعة في أفريقيا جنوب الصحراء!
حملة جمع التبرعات للبنك، هي الاسم الآخر لمضامين ومصطلحات سابقة، مثل: "المجهود الحربي"، و"الخمس"، والزكاة"، وغيرها من مصطلحات السرقة حسب تعاليم "المسيرة القرآنية".
"الحفلة التنكرية" الكبيرة التي تمارسها "قناة المسيرة" حول مليارات الريالات التي جمعت للبنك سينكشف أمرها مع صبيحة اليوم الذي يطالب فيه الموظفون بمرتباتهم. ستنتهي هذه الحفلة التنكرية مثلما انتهت حفلة السيطرة على نجران وعسير.
لن تحملوا "الرئيس الهارب" المسؤولية، لأنكم رفضتم نقل البنك، وأرسلتم المندوبين لجمع التبرعات للبنك الذي أفرغتموه.
وفروا لقمة العيش لمن تحت سيطرتكم من الفقراء، ودعوا عنكم مسؤوليات "الرئيس الهارب".
وفروا لقمة العيش للناس قبل أن تطالبوهم بـ"الجهاد"، أشبعوهم أولاً، ثم قاتلوا.
كفوا عن خطف الأطفال من عمران وذمار وحجة والمحويت وإرسالهم دون علم أهلهم للقتال، أشبعوا أطفال الحديدة أولاً.
وإذا أردتم استمرار القتال فلديكم من المال الذي نهبتموه ما يكفي، أخرجوه، تبرعوا به للبنك المركزي اليمني، بدلاً من خطف لقمة تهامي يتضور جوعاً.
نحن جميعاً نعرف أنكم لا تقاتلون دفاعاً عن الوطن. الجنود الذين في الميدان يقاتلون بهذا الشعور، والبسطاء ممن غررتم بهم يقاتلون بهذا المفهوم، أما أنتم ففي الوقت الذي ترسلون فيه الأطفال للقتال دفاعاً عن الوطن، تتسابقون على جمع التبرعات باسم البنك لتسرقوها كما سرقتم دولة بأكملها في وضح النهار.
كفوا عن ترديد الشعارات التي تعرفون قبل غيركم أنها شعارات فارغة وكاذبة.
كانت شعاراتكم صالحة للخداع قبل عامين على الأقل، أما اليوم فأزيلوها، لم تعد صالحة للاستعمال، فَسَدتْ قبل أن تخرج من العلبة.
بقي أن تقولوا في خصومكم في حكومة هادي ما تشاؤون.
قولوا: "مرتزقة وهاربون"، قولوا: "خونة وبياعون"، قولوا: "حكومة الفنادق"، قولوا "عيال العاصفة"، وغير تلك من التسميات التي يطيب لكم أن تنعتوا بها الخصوم، سنوافق على كل ما تقولون بحق خصومكم.
قولوا: لم يُؤمَّنوا عدن. قولوا: لم يعالجوا جرحى المقاومة. قولوا: لا يريدون الرجوع إلى الوطن حتى لا يفقدوا الامتيازات. قولوا: فاسدون، وظفوا أقاربهم في مكاتب الوزارات التي لا تعمل، واستلموا الملايين، ووضعوها في حساباتهم الخاصة. قولوا: إنهم غير متجانسين. قولوا: فشلوا في إغاثة المدن التي تحت سيطرتهم. قولوا أي شيء. سنبصم بالعشر على ذلك.
ولكن هل يبرر فشلُهم فشلَكم أنتم؟
هل ستبني هذه المهاترات البلاد؟
هل ستوقف الحرب؟
بلادكم تدخل يوما بعد يوم في لعبة دولية لن تكونوا أنتم اللاعبين فيها، ما لم تتداركوا الأمر بإيقاف هذه اللعبة الخطرة التي جاءت لقتل الجمهور لا لإسعاده.
هذه البلاد لا تستحق ما فعلتموه بها.
اهدهم يا رب لاختيار طريق السلام.
طريق الحياة.
د.محمد جميح
ماهو الحل..؟ 1591