إن الصراع بين المصلحين والمجرمين سنة كونية قدرة أزلية أبدية منذ بداية خلق أبينا آدم وعدوه إبليس إلى يوم الدين (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين).
ومما دلت عليه محكمات القرآن المبين أن الرعاع والطغام كما تولوا وناصروا المجرمين في الدنيا فإنهم يشاركونهم الإثم والعذاب يوم الدين (إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين). ويتبرؤوا منهم مستهزئين (فأغويناكم إنا كنا غاوين *فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون *إنا كذلك نفعل بالمجرمين).
نعم يمكن للعاقل أن يتفهم سر شهوة المجرمين في ظلم و إقصاء المعارضين لغرض الاستحواذ على السلطة والثروة؛ كونهم من ذلك مستفيدين؛ لكن الذي لا يمكن تفهمه وتفسيره أو الدفاع عنه وتبريره هو توفر الجماهير التي تشيد به وتنافح عنه وتعادي المصلحين من خصومه بمحض إرادتها وفرط سذاجتها تجاهلا لفساد واقعه وتأريخه، فيجلبون لأنفسهم العنت والشقاء بفرط رعونة وغباء وتعاميا عن تعظيم الدين والأخلاق و أصول الولاء والبراء.. أفلا يعقلون؟
(أفنجعل المسلمين كالمجرمين؟ مالكم كيف تحكمون)!.
فما بلبثون حتى يتخلى عنهم أهل الإجرام في الدنيا والآخرة.. بعد أن قضوا بهم أوطارهم وخانوا دينهم وأوطانهم فينوحون ثبورا (ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا *ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا).
وإن كان مستغربا مناصرة فئات من الرعاع والعوام الطغام فأشنع منه وأقبح مناصرة بعض أهل العلم والفكر والإعلام وهم يقرؤون تعنيف الرب تعالى لرجل من بني إسرائيل رزقه الله علم الكتاب وكان مجاب الدعوة (بلعام ) بن باعوراء، ذلك لمجرد دعائه على نبي الله موسى عليه السلام وأتباعه استجابة لضغوط قومه.
فاسمع إلى تشنيع رب العالمين (واتل عليهم نبأ الذين آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين) ولذلك فقد شبهه وأمثاله الرب لفرط غبائهم وجرمهم: (كمثل الحمار) (كمثل الكلب).
وفي المقابل فإن من جميل براءة نبي الله موسى- عليه السلام- والاعتذار من مناصرة الباطل، كون ذلك من عصبيات الجاهلين استغاثته ربه بهذا الابتهال الجليل شكراً لفضله الجزيل (رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين) عفوك وتثبيتك يا رب العالمين.
ولذلك كان من الواجب على المسلم عدم السكوت عن الباطل أو الموافقة له فضلاً عن الدفاع والمنافحة عنه تعظيماً للحق وإقراراً للخير وحباً للرب وشكراً لنعمه وغيرة على دينه، قال تعالى (ولاتكن للخائنين خصيماً)..
(ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما)..
وصدق الله (ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون).
عمار ناشر العريقي
فلن أكون ظهيراً للمجرمين 1088