ثرنا على الطاغية ونظامه، وقلمنا مخالبه، وحررنا عدن من أعتى نظام استبدادي متخلف فاسد، استجلب كهنوتاً ليسانده، فكانت عدن لهم بالمرصاد، أذاقتهم الهزيمة والخزي والعار، وفجأة أصبنا بخيبة أمل وخذلنا، لأن فينا من أدمن إرث الطاغية، وفينا من أراد أن يكون وريثاً له، وفينا من تفيد منصباً لا يستحقه وبجرأة رفض أن يتركه للدولة لتضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وأراد أن يفرض كيانه على الجميع، خذلان لأننا لا نرى في المشهد دولة ضامنة للحريات والعدالة، لا نعتمد على الكفاءات والخبرات والمهارات في إدارة البلد، البعض "مركوزين" في مواقع فصلت لهم، لم يملأوها، لا مؤهلات ولا خبرات ولا مهارات ولا إبداع، كتل فارغة، يديرونها بالبركة، وهيلمان الشاصات والحراسات المدججة المزعجة للعامة.
سؤال يدور في خلدي، أين جيش اليمن الديمقراطي، الذي فرض عليه المخلوع حصاراً وتهميشاً وإقصاء، جيش مؤهل مدرب معد إعداداً عسكريا استراتيجيا وتكتيكيا، فيهم قادة بمختلف الرتب، وفيهم مهنيون ومهندسون، تأهلوا في أشهر الأكاديميات العسكرية في العالم، يمكنهم الأشراف على تشكيل وتدريب وإعداد الوحدات العسكرية الجديدة للجيش الوطني، فرض عليهم التقاعد القسري في زمن المخلوع، وهل تذكرون جمعية المتقاعدين العسكريين، وتتذكرون دورها في إشعال حرية وكرامة أبناء الجنوب، كم هتفنا لهم بالإنصاف، اليوم نحن نعاقبهم ونستمر نمارس في حقهم الظلم والتعسف والإقصاء، حقيقة مرة، هم في بيوتهم مرميين.
قال لي أحدهم كابتن في البوارج والزوارق الحربية، يرفضون السماح لنا بدخول البحرية، واستعجب من سيديرها مقاومة!، وأي مهارات حربية إستراتيجية وتكتيكية ومهنية يملكون حتى سيتغنون عن هذه الخبرات المتراكمة لسنوات للجيش الوطني الجنوبي، وهكذا في القوى الجوية والبرية والراجمات والصواريخ وغيرها، وكان للبعض حظ في اختيارهم للعمل مبني على أسس ذوي القربى والمحسوبية، والبطانة والمنطقة، ليسوا الأفضل، الكثير في بيوتهم مهملين فقراء محتاجون، عزة أنفسهم وكرامتهم، تحد من تسولهم للعمل.
هؤلاء هم أنفسهم وبجانبهم الأمن العام، دون رواتب لشهرين وأكثر، رواتبهم عند السيد فأوقفها، والشرعية لازالت تتفحصها، ولهم رواتب من التحالف صرفت للبعض وحرم البعض، تأكيدات من أفواههم، أن في بعض المحافظات كالمهرة وحضرموت تصرف شهرياً، والمنطقة الرابعة محرومون، مر عليهم عيد وهم دون رواتب، تراكمت ديونهم للبقالات، وأصحاب الخضار والسمك والدجاج، ورفض الجميع استمرار المديونية، وعليهم الصبر، والجوع كافر ومن أين سيأتي الصبر.
واقع نعيشه، وزملاء نخالطهم ونتلمس وأجاعهم ومآسيهم، السكوت جريمة، واجبنا أن نطرح قضاياهم للعامة لنشكل رأيا عاما ينصفهم، جيل معاقب على مدى 25 عام الجريمة لم يرتكبها، اليوم يستمر العقاب في مماحكة ضحاياها بشر وأطفالهم وأسرهم، (ارحموا عزيز قوما ذل)، وما أسوأ أن تذل في وطنك وأرضك ومن اقرب الناس إليك، إنهم جيراننا وأهلنا وذوينا، والله المستعان يا حكومة ويا شرعية ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، والهدف واضح وجلي، لا يراد للجنوب جيش وطني مهني قادر لمواجهة التحديات، يرد له جماعات تدين الولاء لأجندات غير وطنية، لا معنى لغير ذلك، وها نحن نشهد بأعيننا ونتلمس واقعنا المزري، وتدهور خدمات عدن، وتزداد معانات الناس، لغياب الدولة التي ننشد والحلم والطموح.
أحمد ناصر حميدان
أين جيش اليمن الديمقراطي ؟!! 1280