📰 قد يستطيع أعداء الحقيقة هدم المقرّات أو احتلالها، لكنهم لا يستطيعون هدم الكلمات أو استغلالها، قد يستطيعون إغلاق المباني لكنه يصعب عليهم إغلاق المعاني، قد يستطيعون سرقة الأجهزة، ونهب المطبعات، وتحطيم المكينات، ومصادرة الآلات، وإزهاق الماديات، لكنه يصعب عليهم قطعا سرقة الأفكار والكتابات، يصعب عليهم قطعا نهب الرؤىَ والاتجاهات، يصعب عليهم قطعا النيل من المعقولات، يصعب عليهم قطعا إزهاق المعنويات، قد تستطيع مليشيات الحوثي وحرس المخلوع العفاشي حجب المواقع الإخبارية ومصادرة مكاتب الفضائيات والصحف الورقية والصحافة الالكترونية والإذاعات، لكنه في منطق العقلاء الفشل الذريع والإفلاس المحقق في هكذا أضغاث أحلام وأوهام مشروعات، مع الإتيان بالتصرفات الانتحارية المغرمَة بامتصاص الدماء الزاكية والكلمات الحرة سواء بسواء.
إن الحاكم المنقلب على ثورتي سبتمبر واكتوبر المجيدتين، الغاصب اليوم لصنعاء العاصمة وأخواتها في اليمن، يمتلك شهية استبدادية طاغية وبشراهة متجاوزة باغية لطمس الهوية اليمنية الحضارية الأصيلة فيريد أن يحجب ثور 26 سبتمبر 1962 بعد الذكرى الـ54، أن يحجب ثورة 14 كتوبر 1963 بعد الذكرى 53، أن يحجب الجمهورية اليمنية بأهدافها، أن يحجب الدولة والدستور، أن يحجب ثورة 11فبراير2011، أن يحجب مخرجات الحوار الوطني الشامل، أن يحجب التاريخ النضالي لهذا الشعب ويلغي دم الشهداء والجرحى لتلك الثورات، أن يحجب الإعلام والفضائيات والإذاعات والصحف الرسمية والحزبية والأهلية والشخصية والمجلات، أن يحجب المعلومة والحقيقة والكلمة الحرة عن المتلقيين الأحرار.
📰 عند ذلك يكون خطابه السلطوي الانقلابي هو ما أريكم إلا ما أرى، فلا كلام إلا كلامي، ولا حقيقة إلا حقيقتي، ولا صحيفة إلا صحيفتي، ولا خطاب إلا خطابي العظيم، ولا أخبار إلا أخباري الموجهة، ولا شعر إلا أشعاري، ولا نشيد إلا نشيدي، ولا زامل إلا زواملي، ولا مقال إلا مقالي، ولا قلم إلا قلمي العظيم، ولا صوت إلا صوتي، بل لا صوت يعلو في هذا البلد بعد اليوم فوق صوتي العظيم، فاليمن بلدتي وإعلامها صرختي، وهذا هو مشروعي ولا مشروع سياسي أو إعلامي إلا مشروع حكمي وإعلام ملازمي في كل أيامي.
إن مشروع الثورة الخمينية المضادة في اليمن للنظام الجمهوري بقيادة عفاش المخلوع وعبده الحوثي المصنوع يتبنّى سياسة اغتيال الجمهورية اليمنية، الإنسان اليمني، القلم اليمني، الكلمة اليمنية، الإعلام اليمني، الصحافة اليمنية الحرة الصادقة، ذلك أن الصحافة اليومية والأسبوعية الأهلية منها والحزبية والشخصية التي تساهم لا محالة في بناء الوطن اليمني، الشعب والأرض والإنسان، التي تنهض بالتنمية وتصلح الاعوجاج الرسمي، وتعمل على تقييم الالتواء الشعبي والشخصي، وترتقي بالبناء المؤسسي إلى الأحسن والأفضل.. لكن إذا كانت ستمائة يوم وأكثر في السنتين الماضيتين الانقلابيتين قد مثلت العهد البائد الأسود في الليالي الظلماء الحالكة سوادها على الوضع السياسي اليمني بشكل عام، فإنه العهد الكهنوتي الأشد سواداً وقتامة هو على الوضع الإعلامي والصحافة ومصادر الحقيقة والكلمات الحرة الجريئة، فهو أيضاً الزمن الأسوأ للصحافة والصحفيين، للإعلام والإعلاميين والأقلام والكتابات حرة، والكتاب الأحرار.
إنه الوضع الإنقلابي التجهيلي التدميري الدموي الممنهج الأخطر على الصحافة المتنقلة الورقية، اليومية منها والأسبوعية، الأهلية والمؤسسية والحزبية والرسمية، وكذا على الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، وتكميم الأفواه، وتكسير الأقلام، ومنع الحديث والكلام، ومصادرة الأجهزة والعبث بها، وإقفال المكاتب والمقرات الخاصة بذلك، وتشريد وطرد بعض أطقمها الإدارية المحركة العاملة فيها، واعتقال واختطاف كثير من الصحفيين والكتاب والمحررين والمراسلين، وقتل البعض منهم وتقديمهم دروعاً بشرية وقربانا للنيران الحربية عن عمد وسابق إصرار وترصد، وملاحقة المواقع الإخبارية والمدونات ووسائل التواصل المعلوماتي الالكترونية وإقفالها وحجبها ووضع الأغلال على روادها ومصادرة الحقوق المادية والمعنوية بالتمام والكمال.
وكثيرة هي الصحف الورقية الحزبية الأسبوعية التي توارت بالحجاب واحتجبت عن الأنظار وغابت عن أهل الديار والقراء والسمار في الليل والنهار بغثها وسمينها، عندما حدث انقلاب حكام الغاب والفوضى والسراب الذين صادروا الأقلام الإعلامية الحرة بعد مصادرة صحفهم الورقية المتنقلة اليومية أو الأسبوعية، لتغتال الأرواح والأفراح وتحولها إلى أحزان وأتراح، لتستبدل الأقلام بالسلاح والكلمات الهادئة الحرة بالصراخ والنياح والنباح ومزامير الصياح، لتستبدل مخرجات الأقلام بمخرجات بلاطجة الآلام، لتستبدل الصحف بتماثيل النجف وملالي الكهوف والجراف، في ظل المشروع الإمامي البغيض والهيمنة الحوافيشية في صنعاء اليمن.
وصحيفة (أخبار اليوم) المؤسسية هي تلك الصحيفة الغراء التي نحن بصدد الحديث عنها، إنها صحيفة (أخبار اليوم) المقفلة أبوابها الصحيفة اليومية المؤسسية المهنية لسان حال الخبر الطازج، والمعلومة الطرية، والمقالات والكتابات المختارة التي ترصد الحالة المحلية، ووقائعها القريبة، وترصد حركة سير الخط السياسي في الشأن اليمني، وتفاعل المجتمع الإقليمي بهذا الشأن بالدرجة الأولى.. وقد أصبحت منذ شهور تصدر من عدن العاصمة المؤقتة في جنوب البلاد بعيدا عن مصادرة زبانية الانقلاب، وبغاة الحِراب، وزعامة العبيد والأسياد.. فقط كي تتعاهد الجمهور.
طبيعة صحيفة (أخبار اليوم) هي يومية، سياسية، جامعة، مستقلة، مهمتها خبرية إعلامية ترصد الواقع، تسجل النافع، تأتي بالرائع، تمتع القارئ المتابع، تشبع الباحث البارع، تروي الظامئ ثقافيا والجمهور المطالع.
الجمهور يحمل ورقاتها وصفحاتها كهدايا ثمينة من محافظة إلى محافظة، ومن موقف سيارات وباصات مسافرة إلى موقف آخر وجراج آخر، ومن مدينة إلى مدينة، ومن مديرية إلى مديرية حتى تصل إلى العاشق المنتظر في مكانه وزمانه من المناطق المحررة التابعة للشرعية، كي تصل إلى المتشوفين والمتشوقين إلى معرفة الأخبار والحقائق والتفاصيل والدقائق نظراً لمسحها الميداني الشامل الشائق ..الصحيفة بهذه الطبيعة والمحبة والجمهور لا تستحق الطمس، ولا المنع ولا الحجر والحجب، ولا الحرق لأعدادها واتلافها، ولا وضع الأقفال على مكاتبها، ولا مصادرة آلاتها وآلياتها وأثاثها وأشعارها وأوبارها، ولا حرمان جمهورها الواسع منها، هذه الصحيفة الغراء لا تستحق الاختطاف، ولا إخراجها عن التغطية الخبرية، ولا الإخفاء القسري وطرد طاقمها الوطني الرائد، ولا مصادرة المبنى واحتلاله، ولا نهب الممتلكات ومنعها من حق الحياة والصدور، ولا من حقها المكفول في مواصلة حق الإحياء الوطني إنها رافد من روافد الثقافة والصحافة والخبر والحقيقة في هذا اليمن .
📰 صحيفة (أخبار اليوم) اليمنية كنت أراها قبل الانقلاب على الجمهورية في صنعاء وبقية محافظات اليمن الميمون تصاحب مقتنيات الناس العامة والخاصة كما هي تلفوناتهم السيارة الجوالة.. اليوم صحيفة أخبار اليوم هي صحيفة الجميع، وتأتيك بأخبار الجميع، وتغنيك عن الجميع، ميزتها أنها تبْنِي ولا تهْدِم، تعْمُر ولا تُخرِّب، تعْطي ولا تأخذ، تشمل ولا تخص، تُداوِي ولا تُمْرِض، تُقْبل ولا تُعْرِض، تستفنفر الأحرار وللهمم تستنهض، تنشد الأمن والاستقرار وعلى بناء الوطن وتنميته تحُضّ وتُحرِّض .. إنها صحيفة تنقل الحق أيا كان ، تنصر المواطن أيا كان، ترفع شكواه ومظلوميته- أيا كانت- إلى جهة الاختصاص للنظر، تقرب المسافات، تقدم الحلول، تساعد على الوصول، تستنهض العقول.. تشرح الوضع الراهن، توثق الوقائع، وتستوثق من الأحداث، وترسمها كما هو الأصل، وتصفها بدقة كما هو الأصل دون زيادة أو نقصان، ودون تهوين أو تهويل!
لذلك صارت صحيفة (أخبار اليوم) اليمنية تُرَى في أيدي الناس في صباح كل يوم، حتما لا يستغنون عنها كوجبة الإفطار الدائمة لأجسامهم وأجسادهم، فهي وجبة الغذاء المعنوي للأفكار والعقول، وجبة غذائية يومية متكاملة، تظهر مع إشراقة كل يوم جديد، متزامنة مع مطلع الفجر المتنفس، وظهور ضوء النهار الساطع، وبزوغ شمس الصباح، قارئها يصافحها ويلتزمها ويضع رأسه بين جناحيها، قابضاً عليها بكلتا يديه، وكأنه يعانق حبيبا حميما غاليا على حبه وعلى قلبه، بل وكأنه ينحني برأسه بين صفحاتها يفتشها باحثا عن بغيته ورائحة مداد كلماته وموضوعاتها الطيبة، يرتمي بين أحضانها كارتماء الحبيب وانحناء الملهوف على صدر محبوبته التي أحلها الله له بكلماته الأبدية؟!
صحيفة (أخبار اليوم) اليمنية اليومية ظلت وستظل هي الأوسع انتشارا في الرُّبوع، والأكثر قراءة وقراء وتداولا وتألقا وتقدما إلى الأمام لا تعرف الرجوع، عصيّة قوية شامخة لا تعرف الانحناء أو الركوع، تحارب الظلام، تطمس حلوكه تفضح دياجيره تغير سواده تشعل الشموع، تواصل الحياة تتواصل مع الأحياء، تحترم الجمهور، تستمر في حكاية الصدور، من خلف القضبان وأصحاب القبور، تحتكم للرأي العام، تنتظر عودة الدستور وولادة القانون من جديد وستوقف العيون عن ذرف الدموع ليكون يومئذ بصرها صلب لا يزيغ بل مداه ونفاذه أقوى من الحديد..
بالحق والحقيقة سينهزم الأقفال البشرية وسيولون الأدبار في الصحاري والوديان القفار، سيلوذون بالفرار إلى الأنفاق والمراقد والكهوف وسراديب الأدغال، وستذهب الخيول والحمير والبغال، وستكسر الأقفال، وستعوض الأموال، وتوزع الأنفال.. بسواعد الرجال الأشاوس الابطال.. وسينتهي العداد من على الصفحة الأخيرة في هذه الصحيفة اليومية الغراء، صحيفة ( أخبار اليوم) وستتحقق الآمال، وسيتوقف عدِّ الأيام الستمئة المقدرة بالشهور بعشرين شهراً، وبالسنين سنتان إلا قليلا، سيتوقف هذا العدُّ الشاكي المتظلم المقدّم للعالم وللرأي العام وللحكومة الشرعية بهذه الاعتداءت والتعسّفات ألا أخلاقية واللا دستورية واللا قانونية اللهم إلا قانون الغاب والانقلاب الشاهد على عصر الجهل والبغي والاستبداد وانقلاب خفافيش الظلام، وعفافيش الحرام، وملاليش أولاد وأحفاد الإمام، أعداء الحق ولسان الصحافة والإعلام، ويومئذ ستفرح أسرة الصحافة أكبر، وينعم القراء أكثر بعودة صحيفة (أخبار اليوم) وبأخواتها المحتلات من مليشيات وحرس القوم؟!!.
أستاذ مشارك - كلية الآداب - جامعة تعز
د. عبدالواسع هزبر
600يوم والمليشيات تواصل احتلال ونهب صحيفة أخبار اليوم؟! 1160